92

The Introduction

المدخل

Publisher

دار التراث

Edition Number

الأولى

Publisher Location

القاهرة

لَأَنْ أَجْلِسَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ مِنْ غُدْوَةٍ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ أَحَبُّ إلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ) . وَقَالَ: هُمْ يَتَحَلَّقُونَ الْحِلَقَ وَيَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ وَالْفِقْهَ هَذَا تَفْسِيرُ خَادِمِ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ ﷺ فَكَيْفَ يُقَابِلُهُ تَفْسِيرُ مُتَأَخِّرِي هَذَا الزَّمَانِ؟ وَرُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ﵀ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَزَالُ الْفَقِيهُ يُصَلِّي قِيلَ: وَكَيْفَ ذَلِكَ قَالَ: لَا تَلْقَاهُ إلَّا وَذِكْرُ اللَّهِ عَلَى لِسَانِهِ يُحِلُّ حَلَالًا وَيُحَرِّمُ حَرَامًا. قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ: ﵀ وَقَدْ ظَفِرْت بِهَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُهَيْمِنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِهَارُونَ وَمُوسَى لَمَّا بَعَثَهُمَا إلَى فِرْعَوْنَ ﴿وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي﴾ [طه: ٤٢] فَسَمَّى تَبْلِيغَ الرِّسَالَةِ ذِكْرًا فَعَلَى هَذَا يَتَحَقَّقُ أَنَّ حِلَقَ الْعِلْمِ وَمَا يَتَحَاوَرُونَ فِيهِ فِي الْعِلْمِ وَيَتَرَاجَعُونَ مِنْ سُؤَالٍ وَجَوَابٍ أَنَّهَا حِلَقُ الذِّكْرِ، وَهَذَا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ﴾ [النحل: ٤٣] يَعْنِي أَهْلَ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ. نَقَلَ ذَلِكَ الطُّرْطُوشِيُّ ﵀ فِي كِتَابِ الذِّكْرِ لَهُ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَاَلَّذِي يَنْبَغِي لِلْعَالَمِ الْيَوْمَ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَنْظُرُ إلَى الْعَوَائِدِ الَّتِي اصْطَلَحْنَا عَلَيْهَا وَلَا لِكَوْنِ سَلَفِنَا مَضَوْا عَلَيْهَا إذْ قَدْ يَكُونُ فِي بَعْضِهَا غَفْلَةٌ أَوْ غَلَطٌ أَوْ سَهْوٌ وَلَكِنْ يُنْظَرُ إلَى الْقُرُونِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا، فَإِنْ فَعَلَ هُوَ مِنْهَا شَيْئًا مِمَّا يَرَاهُ مَصْلَحَةً فِي وَقْتِهِ فَيَنْبَغِي لَهُ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ وَيَعْتَرِفَ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّهُ مُحْدِثٌ وَيُبَيِّنَ السَّبَبَ الَّذِي لِأَجْلِهِ فَعَلَ ذَلِكَ. قَدْ كَانَ سَيِّدِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَرْجَانِيِّ ﵀ يَأْخُذُ هَذِهِ الْأَحْزَابَ وَيَقْرَؤُهَا جَمَاعَةً وَيَذْكُرُهَا جَمَاعَةً بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ دَأْبُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى مَوْتِهِ وَكَانَ ﵀ يُخْبِرُ أَنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ، وَإِنَّمَا فَعَلَهُ لِضَرُورَةٍ، وَهِيَ أَنَّ الْهِمَمَ قَدْ قَلَّتْ وَقَلَّ فَقِيرٌ أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ أَوْ الْعَصْرَ ثُمَّ يَقُومُ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى وَيَقْرَأُ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ الْمَشْهُودَيْنِ إلَّا أَنَّهُمْ يَقُومُونَ مِنْ مُصَلَّاهُمْ إمَّا لِلنَّوْمِ إنْ كَانَ فِي الصُّبْحِ أَوْ لِلتَّحَدُّثِ فِيمَا لَا يَعْنِي إنْ كَانَ فِي الْعَصْرِ إنْ سَلِمُوا مِنْ الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ فَلَمَّا أَنْ تَحَقَّقُوا وُقُوعَ هَذَا الْمَحْذُورِ وَدَعَوْهُ لِهَذَا الْمَكْرُوهِ؛ لِأَنَّ ارْتِكَابَ الْمَكْرُوهَاتِ أَوْلَى بَلْ أَوْجَبُ مِنْ ارْتِكَابِ

1 / 97