Al-Laʾālī al-marjāniyya fī sharḥ al-qalāʾid al-burhāniyya
اللآلي المرجانية في شرح القلائد البرهانية
واجباً بإيلاء أو غيره ولو بعوض فجميع وجوه العتق يثبت بها الولاء، والأصل في ثبوت الولاء: القرآن والسنة والإجماع.
فأما القرآن: فقوله تعالى ﴿فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّين وَمَوَالِيكُمْ﴾.
وأما السنة: فمنها حديث أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - في قصة بريرة - رضي الله عنها - قال ﷺ (إنما الولاء لمن أعتق) متفق عليه.
وأما الإجماع: فقد أجمع أهل العلم على التوريث بالولاء عند عدم الوارثين بالنسب، كما أورده ابن دقيق العيد، وحكاه ابن اللبان رحمهما الله تعالى.
ويرث بالولاء المعتق الذي باشر العتق ثم عصبته المتعصبون بأنفسهم لا بغيرهم ولا مع غيرهم إجماعاً.
أما النساء فلا يرثن بالولاء إلا من أعتقن أو أعتق من أعتقن أو كاتب أو كاتب من كاتبن إجماعاً، كما يرث به المعتق وعصبته المتعصبون بأنفسهم وهم: من أدلوا بأنفسهم إلى الميت أو بذكر ليس بينه وبين الميت أنثى وسيأتي تفصيل ذلك مبيناً إن شاء الله تعالى في باب التعصيب وهذا السبب خاص بالتعصيب.
أما المعتق - بفتح التاء - فلا يرث مُعِتقه إجماعاً حكاه أبو حكيم الخبري - رحمه الله تعالى - في التلخيص بقوله فأما المولى من أسفل فلا يرث في قول الجميع، كما حكاه والماوردي - رحمه الله تعالى - في الحاوي الكبير بقوله فإن لم يكن إلا مولى من أسفل قد أنعم عليه بالعتق لم يرثه في قول الجماعة، فالمولى الأسفل غير منعم فلم يستحق ميراثاً ولا جزاءً.
أما ما جاء في الأثر الذي رواه عوسجة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رجلاً مات على عهد رسول الله ﷺ ولم يدع وارثاً إلا عبداً هو أعتقه فأعطاه رسول الله ﷺ ميراثه، وحسنه الترمذي.
وما روي نحوه عن أميرَيّ المؤمنين عمر وعلي - رضي الله عنهما -، وبه قال عطاء وطاووس، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمهم الله تعالى جميعاً - إذا عدم الورثة، وبه أخذ ابن القيم - رحمه الله تعالى - وحسَّن حديث عوسجة؛ فتأويل ذلك أن النبي ﷺ أعطاه على سبيل المصلحة أو رآه أقرب من حضر أو أحق بتوريثه أو أعطي بطريق التبرع لأنه صار ماله لبيت المال ويجوز أن يكون ذلك طعمة منه لأنه كان أولى بمال بيت المال أن يضعه حيث يرى، وقال الترمذي - رحمه الله تعالى - العمل عند أهل العلم في هذا
48