37

Al-Laʾālī al-marjāniyya fī sharḥ al-qalāʾid al-burhāniyya

اللآلي المرجانية في شرح القلائد البرهانية

وأما المسألة: السادسة وهي الوصية بالثلث فأقل كما قال الناظم رحمه الله تعالى [بثلث فأقل] فمن المتفق عليه بين فقهاء المذاهب أن وصية الشخص في حدود ثلث تركته صحيحة نافذة سواء له وارث أم لا؛ لأذنه لسعد رضي الله عنه بالثلث (الثلث والثلث كثير)، ولقبوله ﴾ وصية البراء بن المعرور حيث أوصى له رضي الله عنه بالثلث فقبله ورده على ورثته. وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : الثلث وسط لا بخس فيه ولا شطط.

وأما المسألة السابعة وهي استحباب الغضِّ في الوصية من الثلث وهو ما أشار إليه الناظم رحمه الله تعالى بقول [فأقل] فقال الماوردي رحمه الله تعالى : وإن نقص من الثلث جاز وأولى الأمرين به أن يعتبر حال ورثته فإن كانوا فقراء كان النقصان من الثلث أولى به من استيعاب الثلث.

وقد روي عن علي رضي الله عنه أنه قال : لأن أوصي بالخمس أحب إلي من أن أوصي بالربع وبالربع أحب إلي من الثلث فهذا الأثر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه يفيد استحباب النقص عن الثلث وهو من فقهه رضي الله عنه الذي لا يخلو من أثر عن النبي ، وبهذا الفقه أخذ الشافعي - رحمه الله تعالى - من قوله ﴾ ( الثلث والثلث كثير) ولحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع فإن رسول الله ﴾ قال: ( الثلث والثلث كثير) متفق عليه.

قال النووي - رحمه الله تعالى - : وفيه استحباب النقص عن الثلث وبه قال جمهور العلماء مطلقاً ، ومذهبنا أنه إن كان ورثته أغنياء استحب الإيصاء بالثلث وإلا يستحب النقص منه ، وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه أوصى بالخمس ، وعن علي ﴾ نحوه وعن ابن عمر مؤ، وإسحاق - رحمه الله تعالى - بالربع ، وقال آخرون بالسدس ، وآخرون بدون ، وقال آخرون بالعشر ، وقال إبراهيم النخعي - رحمه الله تعالى - كانوا يكرهون الوصية بمثل نصيب أحد الورثة ، وروى عن علي وابن عباس وعائشة وغيرهم ، أنه يستحب لمن له ورثة وماله قليل ترك الوصية انتهى.

وقال الشيخ محمد صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - رحمة واسعة في شرح حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: ( الثلث والثلث كثير أو كبير ) وفيه دليل على أنه إذا نقص عن الثلث فهو أحسن وأكمل ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنه لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع لأن النبي قال : (الثلث والثلث كثير)

37