35

Al-Laʾālī al-marjāniyya fī sharḥ al-qalāʾid al-burhāniyya

اللآلي المرجانية في شرح القلائد البرهانية

فأما المسألة الأولى وهي تعريف الوصية: فالوصية في اللغة: مصدر أو اسم مصدر مأخوذ من وصيت الشيء بالشيء أوصيه إذا وصلته ومنه قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾ واصطلاحاً: هي التبرع بعد الموت، وقيل هي تمليك مضاف إلى ما بعد الموت.

وأما المسألة الثانية: وهي تسمية الوصية بالوصية: سميت بهذا الاسم لأن الميت يصل بها ما كان في حياته بعد مماته.

وأما المسألة الثالثة وهي مشروعية الوصية: فأصل مشروعيتها القرآن والسنة والإجماع.

فأما القرآن: فقوله تعالى ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ﴾.

وأما السنة: فمنها ما رواه الجماعة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال (ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين وله شيء يريد أن يوصي فيه إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه) متفق عليه.

وأما الإجماع: فقد أجمع العلماء رحمهم الله في الأمصار والأعصار على جوازها.

وأما المسألة الرابعة وهي حكم الوصية: فقد اختلف في حكمها على قولين هما:

القول الأول: الوجوب من حيث الجملة وبه قال جماعة من السلف منهم عطاء والزهري وأبو مجلز، وطلحة بن مصرف في آخرين وحكاه البيهقي عن الشافعي في القديم وبه قال إسحاق وداود وأبو عوانة الإسفراييني وابن جرير وآخرون، ومن أدلة القائلين بالوجوب ما يأتي:

قوله تعالى ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾

وأجاب الجمهور عن الآية بأنها منسوخة.

وأجاب من قال بالوجوب بأن الذي نسخ الوصية للوالدين والأقارب الذين يرثون وأما الذين لا يرثون فليس في الآية ولا في تفسير ابن عباس ما يقتضي النسخ في حقه.

وأما السنة: فمنها ما رواه الجماعة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال (ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين وله شيء يريد أن يوصي فيه إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه) متفق عليه.

36