Kifaya Fi Cilm Riwaya

al-Hatib al-Bagdadi d. 463 AH
38

Kifaya Fi Cilm Riwaya

الكفاية في علم الرواية

Publisher

جمعية دائرة المعارف العثمانية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1357 AH

Publisher Location

حيدر آباد

أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحُرْبيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، ح، وَأَخْبَرَنَاهُ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، ثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ، طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ وَهُوَ غَائِبٌ بِالشَّامِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلُهُ بِشَعِيرٍ فَتَسَخَّطَتْهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ» وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ قَالَ: «تلك امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ، فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي» قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ» قَالَتْ: فَكَرِهْتُهُ، ثُمَّ قَالَ: «انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ ⦗٤٠⦘ زَيْدٍ» فَنَكَحْتُهُ، فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا وَاغْتَبَطْتُ بِهِ «فِي هَذَا الْخَبَرِ دِلَالَةٌ عَلَى أَنَّ إِجَازَةَ الْجَرْحِ لِلضُّعَفَاءِ مِنْ جِهَةِ النَّصِيحَةِ لِتُجْتَنَبَ الرِّوَايَةُ عَنْهُمْ، وَلِيُعْدَلَ عَنِ الِاحْتِجَاجِ بِأَخْبَارِهِمْ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا ذَكَرَ فِي أَبِي جَهْمٍ» أَنَّهُ لَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ وَأَخْبَرَ عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ صُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، عِنْدَ مَشُورَةٍ اسْتُشِيرَ فِيهَا، لَا تَتَعَدَّى الْمُسْتَشِيرَ: كَانَ ذِكْرُ الْعُيُوبِ الْكَامِنَةِ فِي بَعْضِ نَقَلَةِ السُّنَنِ الَّتِي يُؤَدِّي السُّكُوتُ عَنْ إِظْهَارِهَا عَنْهُمْ وَكَشْفِهَا عَلَيْهِمْ إِلَى تَحْرِيمِ الْحَلَالِ وَتَحْلِيلِ الْحَرَامِ، وَإِلَى الْفَسَادِ فِي شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ، أَوْلَى بِالْجَوَازِ وَأَحَقَّ بِالْإِظْهَارِ، وَأَمَّا الْغِيبَةُ الَّتِي نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا بِقَوْلِهِ ﷿: ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ [الحجرات: ١٢] وَزَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْهَا بِقَوْلِهِ: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ، لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ» - فَهِيَ ذِكْرُ الرَّجُلِ عُيُوبَ أَخِيهِ يَقْصِدُ بِهَا الْوَضْعَ مِنْهُ وَالتَّنْقِيصَ لَهُ وَالْإِزْرَاءَ بِهِ فِيمَا لَا يَعُودُ إِلَى حُكْمِ النَّصِيحَةِ، وَإِيجَابِ الدِّيَانَةِ مِنَ التَّحْذِيرِ عَنِ ائْتِمَانِ الْخَائِنِ وَقَبُولِ خَبَرِ الْفَاسِقِ وَاسْتِمَاعِ شَهَادَةِ الْكَاذِبِ، وَقَدْ تَكُونُ الْكَلِمَةُ الْوَاحِدَةُ لَهَا مَعْنَيَانِ مُخْتَلِفَانِ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ حَالِ قَائِلِهَا ففِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، يَأْثَمُ قَائِلُهَا وَفِي حَالَةٍ أُخْرَى لَا يَأْثَمُ، مِثَالُ ذَلِكَ مَا

1 / 39