Al-Kharaj
الخراج
Investigator
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
Publisher
المكتبة الأزهرية للتراث
Edition Number
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
Publication Year
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
اللَّهُ عَنْهُ بَعَثَ عُتْبَةَ بْنَ غَزْوَانَ إِلَى الْبَصْرَةِ -وَكَانَتْ تُسَمَّى أَرْضُ الْهِنْدِ- فَدَخَلَهَا وَنَزَلَهَا قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقاص الْكُوفَة، وَأَن زيادا ابْنَ أَبِيهِ هُوَ الَّذِي بَنَى مَسْجِدَهَا وَقَصْرَهَا وَهُوَ الْيَوْمُ فِي مَوْضِعِهِ، وَإِنَّ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ افْتَتَحَ تُسْتَرَ وَأَصْبَهَانَ وَمَهْرَجَانَ قُذَقَ وَمَاهَ ذُبْيَانَ وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقاص محاصر الْمَدَائِن.
قَالَ أَبُو يُوسُف: وَكُلُّ مَنْ أَقْطَعَهُ الْوُلاةُ الْمَهْدِيُّونَ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ السَّوَادِ وَأَرْضِ الْعَرَبِ وَالْجِبَالِ مِنَ الأَصْنَافِ الَّتِي ذكرنَا أَن الإِمَام أَنْ يُقْطِعَ مِنْهَا؛ فَلا يَحِلُّ لِمَنْ يَأْتِي بَعْدَهُمْ مِنَ الْخُلَفَاءِ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ وَلا يُخْرِجَهُ من يَدي من هُوَ ي يَدِهِ وَارِثًا أَوْ مُشْتَرِيًا؛ فَأَمَّا إِنْ أَخَذَ الْوَالِي مِنْ يَدِ وَاحِدٍ أَرْضًا وَأَقْطَعَهَا آخَرَ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ غَصَبَ وَاحِدًا وَأَعْطَى آخَرَ؛ فَلا يَحِلُّ لِلإِمَامِ وَلا يَسَعُهُ أَنْ يُقْطِعَ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ حَقَّ مُسْلِمٍ وَلا مُعَاهِدٍ وَلا يُخْرِجَ مِنْ يَدِهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلا بِحَقٍّ يَجِبُ لَهُ عَلَيْهِ فَيَأْخُذُهُ بِذَلِك الَّذِي وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِ فَيُقْطِعَهُ مَنْ أَحَبَّ مِنَ النَّاسِ؛ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ.
وَالأَرْضُ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْمَالِ فالإمام أَنْ يُجِيزَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَنْ كَانَ لَهُ غَنَاءٌ فِي الإِسْلامِ، وَمَنْ يَقْوَى بِهِ عَلَى الْعَدُوِّ وَيَعْمَلُ فِي ذَلِكَ بِالَّذِي يَرَى أَنَّهُ خَيْرٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَأَصْلَحُ لأَمْرِهِمْ، وَكَذَلِكَ الأَرَضُونَ يُقْطِعُ الإِمَامُ مِنْهَا مَنْ أَحَبَّ مِنَ الأَصْنَافِ الَّتِي سَمَّيْتُ، وَلا أَرَى أَنْ يَتْرُكَ أَرْضًا لَا مِلْكَ لأَحَدٍ فِيهَا وَلا عِمَارَةً حَتَّى يُقْطِعَهَا الإِمَام فَإِن ذَلِك أعمر لبلاد وَأَكْثَرُ لِلْخَرَاجِ؛ فَهَذَا حَدُّ الإِقْطَاعِ عِنْدِي على مَا أَخْبَرتك.
من كَانَ لَهُ أَرض فَلم يعمرها وَالْحكم فِي إقطاع الإِمَام:
قَالَ أَبُو يُوسُف: وَقَدْ أَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَتَأَلَّفَ عَلَى الإِسْلامِ أَقْوَامًا وَأَقْطَعَ الْخُلَفَاءُ مِنْ بَعْدِهِ مَنْ رَأَوْا أَنَّ فِي إِقْطَاعِهِ صَلاحًا.
حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي نُجَيْحٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَقْطَعَ لأُنَاسٍ مِنْ مُزَيْنَةَ أَوْ جُهَيْنَةَ أَرضًا؛ فَلم يعرموها فَجَاءَ قَوْمٌ فَعَمَرُوهَا فَخَاصَمَهُمُ الْجَهْنِيُّونَ أَوِ الْمُزَنِيُّونَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ؛ فَقَالَ: لَوْ كَانَتْ مِنِّي أَوْ مِنْ أَبِي بَكْرٍ لَرَدَدْتُهَا؛ وَلَكِنَّهَا قَطِيعَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. ثُمَّ قَالَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ ثُمَّ تَرَكَهَا ثَلاثَ سِنِينَ فَلَمْ يَعْمُرَهَا فعمرها قوم آخَرُونَ فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الزُّبَيْرَ أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ، وَذَكَرَ أَنَّهَا كَانَتْ أَرضًا يُقَال لَهَا الجرف، وَذُكِرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁ أَقْطَعَ الْعَقِيقَ أَجْمَعَ لِلنَّاسِ حَتَّى جَازَتْ قَطِيعَةُ أَرْضِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ؛ فَقَالَ: أَيْنَ الْمُسْتَقْطِعُونَ مُنْذُ الْيَوْمَ فَإِنْ يَكُنْ فِيهِمْ خَيْرٌ فَتَحْتَ قَدَمَيَّ. قَالَ خَوات بن جُبَير:
1 / 73