110

al-kharāj

الخراج

Editor

طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد

Publisher

المكتبة الأزهرية للتراث

Edition

طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة

Publication Year

أصح الطبعات وأكثرها شمولا

من سَالَ من نهره مَاء فأغرق أَرض غَيره:
وَسَأَلْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ النَّهَرُ الْخَاصُّ فَيَسْقِي مِنْهُ حَرْثَهُ وَنَخْلَهُ وَشَجَرَهُ فَيَنْفَجِرُ مِنْ مَاءِ نَهْرِهِ فِي أَرْضِهِ فَيَسِيلُ الْمَاءُ مِنْ أَرْضِهِ إِلَى أَرْضِ غَيْرِهِ فَيُغْرِقَهَا، هَلْ يَضْمَنُ؟ قَالَ: لَيْسَ عَلَى رَبِّ النَّهْرِ فِي ذَلِكَ ضَمَانٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ، وَكَذَلِكَ لَو نزلت أَرْضُ هَذَا مِنَ الْمَاءِ فَفَسَدَتْ لَمْ يَكُنْ عَلَى رَبِّ الأَرْضِ الأُولَى شَيْءٌ وَعَلَى صَاحِبِ الأَرْضِ الَّتِي غرقت وَنزلت أَنْ يُحَصِّنَ أَرْضَهُ.
وَلا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَتَعَمَّدَ أَرْضًا لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ بِذَلِكَ لِيُهْلِكَ حَرْثَهُ فِيهَا، يُرِيدُ بِذَلِكَ الإِضْرَارَ بِهِ؛ فَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الضِّرَارِ، وَقَدْ قَالَ "مَلْعُونٌ مَنْ ضَارَّ مُسْلِمًا أَوْ غَيْرَهُ مَلْعُونٌ". وَعُمَرُ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ يَأْمُرُهُ أَنْ يَمْنَعَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ ظُلْمِ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ.
وَإِنْ عُرِفَ أَنَّ صَاحِبَ النَّهْرِ يُرِيدُ أَنْ يَفْتَحَ الْمَاءَ فِي أَرْضِهِ لِلإِضْرَارِ بِجِيرَانِهِ وَالذِّهَابُ بِغَلاتِّهِمْ وَتَبَيَّنَ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ مِنَ الإِضْرَارِ بِهِمْ.
وَلَوِ اجْتَمَعَ فِي أَرْضِ هَذَا الثَّانِي السَّمَكُ مِنَ الْمَاءِ فَصَادَهُ رَجُلٌ كَانَ لِلَّذِي صَادَهُ وَلَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الأَرْضِ؛ أَلا تَرَى أَنّ رَجُلا لَوْ صَادَ ظَبْيًا فِي أَرْضِ رَجُلٍ كَانَ لَهُ؛ فَكَذَلِكَ السَّمَكُ. وَلِصَاحِبِ الأَرْضِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنَ الْعَوْدِ إِلَى ذَلِكَ، وَأَنْ يَدْخُلَ أرضه فَإِن عَاد فصاد فَمَا صَادَ فَهُوَ لَهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْءٌ، وَأَمَّا الْمَحْظُورُ عَلَيْهِ مِنَ السَّمَكِ الَّذِي يُؤْخَذُ بِالْيَدِ فَإِنْ صَادَهُ رَجُلٌ فَهُوَ لرب الأَرْضُ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلا لَهُ نَهَرٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ يَجْرِي؛ فَأَرَادَ رَبُّ الأَرْضِ أَنْ لَا يَجْرِي النَّهَرُ فِي أَرْضِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، إِذَا كَانَ جَارِيًا فِيهَا جَعَلْتَهُ عَلَى حَالِهِ جَارِيًا فِيهَا كَمَا هُوَ؛ لأَنَّهُ فِي يَدَيْهِ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَارِيًا سَأَلْتَهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا النَّهَرَ لَهُ؛ فَإِنْ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ قَضَيْتَ لَهُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى أَصْلِ النَّهَرِ وَجَاءَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ مَجْرِيًا فِي هَذَا النَّهْرِ يَسُوقُ الْمَاءَ فِيهِ إِلَى أرضه حَتَّى يسيها أجرت لَهُ ذَلِكَ وَكَانَ لَهُ النَّهَرُ وحريمه مِنْ جَانِبَيْهِ لِكَرِيِّهِ.
فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُعَالِجَ نَهَرَهُ لِكَرِيِّهِ وَيُصْلِحَهُ فَمَنَعَهُ صَاحِبُ الأَرْضِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَيَطْرَحُ تُرَابَهُ عَلَى حَافَّتَيْ نَهَرِهِ فِي حَرِيمِهِ، وَلا يُدْخِلُ عَلَيْهِ فِي أرضه من ذَلِك

1 / 112