271

Al-Iṣāba fī al-dhabb ʿan al-Ṣaḥāba ﷺ -

الإصابة في الذب عن الصحابة ﵃ -

Genres

حصول النصرة والفرج على يد أحد من الخلق، ولهذا وفت هذا المقام حقه، لما قال لها أبويها: قومي إليه، وقد أنزل الله عليه براءتها، فقالت: والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله، هو الذي أنزل براءتي.
وقال ﵀: وأيضًا فكان من حكمة حبس الوحي شهرًا، أن القضية محّصت وتمحضت واستشرفت قلوب المؤمنين أعظم استشراف إلى ما يوحيه الله إلى رسوله فيها، وتطلعت إلى ذلك غاية التطلع، فوافى الوحي أحوج ما كان إليه رسول الله ﷺ وأهل بيته والصديق وأهله وأصحابه والمؤمنون، فورد عليهم ورود الغيث على الأرض أحوج ما كانت إليه، فوقع منهم أعظم موقع وألطفه، وسروا به أتم السرور، وحصل لهم به غاية الهناء.
وأيضًا فإن رسول الله ﷺ كان هو المقصود بالأذى، والتي رميت زوجته، فلم يكن يليق به أن يشهد ببراءتها مع علمه، أو ظنه الظن المقارب للعلم ببراءتها، ولم يظن بِها سوءًا قط، وحاشاه وحاشاها فكان عنده من القرائن التي تشهد ببراءة الصديقة أكثر مما عند المؤمنين، ولكن لكمال صبره وثباته وحسن ظنه بربه وثقته به وفى مقام الصبر والثبات وحسن الظن بالله حقه، حتى جاء الوحي بما أقر عينه، وسر قلبه، وعظم قدره، وظهر لأمته احتفال ربه به، واعتناؤه بشأنه (١).
وما جاء عن علي ﵁ حينما استشاره النبي ﷺ فقال: لم يضيق الله

(١) ابن القيم: زاد المعاد: ٣/ ٢٦١ - ٢٦٣

1 / 282