33

Al-ilmām bi-ḥukm al-qirāʾa khalf al-imām wa-l-jawāb ʿammā iḥtajja bihi al-Bukhārī

الإلمام بحكم القراءة خلف الإمام والجواب عما احتج به البخاري

Publisher

الفاروق الحديثة للطباعة والنشر ومكتبة التوعية الإسلامية لإحياء التراث الإسلامي

Edition

الأولى

Publication Year

1408 AH

Publisher Location

القاهرة وجيزة

وأيضا فإن الأمر بالإنصات داخل في معنى اتباع المأموم (١)، وهو على أن المنصت يحصل له بإنصاته واستماعه ما هو أولى به من قراءته، وهذا متفق عليه بين المسلمين في الخطبة، وفي القراءة في الصلاة في غير محل النزاع، فالمعنى الواجب للإنصات يتناول الإنصات عن الفاتحة وغيرها.

وأما وجوب قراءتها في كل صلاة فإذا أنصت إلى الإمام الذي يقرأها كان خيراً مما يقرأ لنفسه، وهو لو نذر أن يصلي في المسجد الأقصى لكانت صلاته في المسجد الحرام، ومسجد النبي ﷺ تجزئه؛ بل هو أفضل له كما دلت على ذلك السنة، وهو لم يوجب على نفسه إلا الصلاة في البيت المقدس؛ ولكن هذا أفضل منه.

فإذا كان هذا في إيجابه على نفسه جعل الشارع الأفضل يقوم مقام المنذور، وإلغاء تعينه هو بالنذر، فكيف يوجب الشارع شيئاً ولا يجعل أفضل منه يقوم مقامه، والشارع حكيم لا يعين شيئاً قط وغيره أولى بالفعل منه؛ بخلاف الإنسان، فإنه قد يخص بنذره ووقفه ووصيته ما غيره أولى منه، وقد أمر النبي ﷺ المصلي إذا سهى بسجود السهو في غير حديث.

ثم المأموم إذا سها يتحمل إمامه عن سهوه؛ لأجل متابعته له، مع إمكانه أن يسجد بعد سلامه. وإنصاته لقراءته أدخل في المتابعة، فإن الإمام إنما يجبر لمن يستمع قراءته، فإذا اشتغل أحد من المصلين بالقراءة لنفسه كان كالمخاطب لمن لا يستمع إليه، كالخطيب الذي يخطب الناس وكلهم يتحدثون، ومن فعل هذا فهو كما جاء في الحديث «كحمار يحمل أسفاراً» (٢) فإنه لم يفقه معنى المتابعة، كالذي يرفع رأسه قبل الإمام، فإنه كالحمار، ولهذا قال النبي ﷺ: «أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول رأسه رأس

(١) وهكذا في المطبوع ولعله (في معنى اتباع الإمام).

(٢) سبق تخريجه.

33