وغيرها، فالمستمعُ لقراءة الإمام يحصل له أفضل مما يحصل بالقراءة، وحينئذ فلا يجوزُ أَنْ يُؤْمَرَ بالأدنى وَ يُنهى عَنِ الأعلى.
وثبت أنه في هذه الحال قراءة الإمام له قراءة، كما قال ذلك جماهير السلف والخلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان. وفي ذلك الحديث المعروف عن النبي ﷺ أنه قال: «مَنْ كَانَ لَهُ إمامٌ فَقِراءَةُ الإمامِ لَهُ قِرَاءَة». وهذا الحديث روي مرسلا(١)، ومسنداً لكن أكثر الأئمة الثقاة رووه مرسلا عن عبد الله بن شداد عن النبي ﷺ، وأسنده بعضهم، ورواه ابن ماجه مسنداً(٢)، وهذا المرسل قد عضده ظاهر القرآن والسنة، وقال به جماهير أهل العلم من الصحابة والتابعين ومُرْسِلُه من أكابِرِ التابعينَ، ومثل هذا المرسل يُحْتَجُ بِهِ باتفاق الأئمة الأربعةِ، وغيرِهم، وقد نص الشافعيِّ على جوازِ الاحتجاج بمثل هذا المرسلِ(٣).
(١) حسن لغيره أخرجه الدارقطني (١ / ٣٢٥) وقال وهو الصواب - يعني مرسلاً - وابن عدي في الكامل (٧ / ٢٤٧٧). وعبد الرزاق (٢٧٩٧) وشرح معاني الآثار (١ / ٢١٧) والبيهقي (٢ / ١٦٠) قال الذهبي الموقظة (ص ٣٩): فإن المرسل إذا صَحَّ إلى تابعى كبير، فهو حجة عند خلق من الفقهاء اهـ قلت: ولكن هذا بشروط كما سننقل عن الإمام الشافعي فيما بعد إن شاء الله تعالى.
(٢) في سننه (٨٥٠) والدارقطني (١ /٣٢٣ - ٣٢٥) وابن عدي في الكامل (٢ / ٥٤٢، ٧٠٦)، (٦/ ٢١٠٧)، (٧ / ٢٤٧٧ - ٢٤٧٨) والبيهقي (٢ / ١٥٩، ١٦٠) وأحمد (٣ / ٣٣٩)، وشرح معاني الآثار (١ / ٢١٧). أبو نعيم (٧ / ٣٣٤) وابن الجوزي في العلل المتناهية (١ / ٤٢٧ - ٤٢٩) عن جابر وابن عمر والبيهقي في كتاب (القراءة خلف الإمام) ص ١٤٧ بتحقيق أبي هاجر وهو حديث حسن. وأسانيده كلها ضعيفة كما بينها الدارقطني في سننه (١ / ٣٢٥) والحافظ في الفتح (٢ / ٢٤٢) وابن عدي في الكامل في الأماكن المذكورة وانظر تحقيق الأستاذ الألباني في الإرواء حديث (٥٠٠) فقد أعطى المقام حقه.
(٣) قال الشافعي في الرسالة ص ٤٦١ ما نصه: - فمن شاهد أصحاب رسول الله من التابعين، فحدثَ حديثاً منقطعاً عن النبيّ -: اعْتبِرَ عليه بأمور: - منها: أن يُنظَرَ إلى ما أَرْسَلَ من الحديث فإن شرِكَهُ فيه الحفاظُ المأمونونَ فأسندوه إلى رسول الله بمثل معنى مارَوى: - كانت هذه دلالة على صحة مَن قَبِل عنه وحِفْظِهِ. =