Al-iḥkām fī uṣūl al-aḥkām
الإحكام في أصول الأحكام
Editor
الشيخ أحمد محمد شاكر
Publisher
دار الآفاق الجديدة
Publisher Location
بيروت
Genres
Jurisprudence
قال علي وأما العمل المأمور به في وقت محدود الطرفين قد ورد النص بالفسحة في تأخيره فإنه يجب بأول الوقت إلا أنه قد أذن له في تأخيره وكان مخيرا في ذلك وفي تعجيله فأي ذلك أدى فقد أدى فرضه إلا أنه يؤجر على التعجيل لتحصيله العمل واتهمه به ولا يأثم على التأخير لأنه فعل ما أبيح له وذلك مثل تأخير المرء الصلاة إلى آخر وقتها الواسع ولذلك أسقطنا الملامة والقضاء عن المرأة تؤخر الصلاة عن أول وقتها فتحيض فعلت ما أبيح لها ومن فعل ما أبيح له فقد أحسن وقال تعالى ﴿ليس على لضعفآء ولا على لمرضى ولا على لذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على لمحسنين من سبيل ولله غفور رحيم﴾ فسقطت الملامة وقد أخر ﵇ الصلاة إلى آخر وقتها فصح بذلك أن ذلك جائز مباح حسن وإن كان التعجيل أحسن وسقط القضاء عنها لخروج الوقت لأنه يؤدي عمل إلا في وقته المأمور به كما أسقط خصومنا موافقين لنا القضاء عن المغمى عليه أكثر من خمس صلوات وبعضهم أسقطها عن المغمى عليه صلاة فما فوقها وأما كل عمل محدود الطرف الأول غير محدود الطرف الآخر فإن الأمر به ثابت متجدد وقتا بعد وقت وهو ملوم في تأخيره لأنه لم يفسح له ذلك وكلما أخره حصل عليه اسم التضييع وإثم الترك لما أمر به فإن أداه سقط عنه إثم الترك وقد استقر عليه إثم ترك البدار ولا يسقطه عنه إلا ربه تعالى بفضله إن شاء لا إله إلا هو كسائر
ذنوبه التي لا بد من الموازنة فيها لأن الأداء والتعجيل فعلان متغايران كما قدمناه وقد يؤدي من لا يعجل فصح أنهما شيئان متغايران وكذلك القول في
ديون الناس فإن المماطل الغني آثم بالمطل وآثم بمنع الحق فإذا أدى الحق يوما ما سقط عنه المنع وقد استقر إثم المطل عليه فلا يسقط عنه بالأداء لأن المنع والمطل شيئان متغايران وقد يؤدي ولا يمنع من قد مطل ولذلك قلنا فيمن غصب مالا فلم يؤده إلى صاحبه حتى مات المغصوب منه ثم أداه إلى ورثته إنه باق عليه إثم الغصب
3 / 65