52

Al-Ifṣāḥ ʿalā masāʾil al-Īḍāḥ ʿalā madhāhib al-aʾimma al-arbaʿa wa-ghayrihim

الإفصاح على مسائل الإيضاح على مذاهب الأئمة الأربعة وغيرهم

Edition

الأولى

Publication Year

1403 AH

Publisher Location

السعودية

وَالْمَالِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ(١) وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ.

(الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ) يُسْتَحَبُّ إِكْثَارُ السَّيْرِ فِي اللَّيْلِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ(٢) أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: عَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ(٣) فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ(٤) وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُرِيحَ دَابَّتَهُ بِالنُّزُولِ عَنْهَا غُدْوَةً(٥) وَعَشِيَّةً وَعِنْدَ كُلِّ

(١) قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: وَيَزِيدُ بَعْدَ قَوْلِهِ: (وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ): (وَالْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ، وَدَعْوَةِ الْمَظْلُومِ) ثُمَّ قَالَ: (وَوَعْثَاءُ السَّفَرِ بِالْمَدِّ شِدَّتُهُ، وَالْكَآبَةُ بِالْمَدِّ أَيْضًا تَغَيُّرُ النَّفْسِ مِنْ حُزْنٍ وَنَحْوِهِ، وَالْحَوْرُ بِمُهْمَلَتَيْنِ: النَّقْصُ وَالتَّأَخُّرُ، وَالْكَوْرُ بِالرَّاءِ مِنْ تَكْوِيرِ الْعِمَامَةِ أَيْ لَفُّهَا وَجَمْعُهَا. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ بِالنُّونِ مَصْدَرُ «كَانَ» إِذَا وَجَدَ وَاسْتَقَرَّ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ: الرُّجُوعُ مِنَ الِاسْتِقَامَةِ أَوِ الزِّيَادَةِ إِلَى النَّقْصِ. كَذَا نُقِلَ تَفْسِيرُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ عَنِ الْعُلَمَاءِ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ إِذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى عَلَيْهِ: وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّقْصِ بَعْدَ الرُّجُوعِ إِلَى النَّقْصِ، فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْكَوْرِ هُنَا نَفْسُ الِاسْتِقَامَةِ أَوِ الزِّيَادَةِ، لَا الرُّجُوعُ مِنْهَا، لِيَلْتَئِمَ الْمَعْنَى. ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ خَلِيلٍ ذَكَرَ نَحْوَ ذَلِكَ فَقَالَ: وَالْكَوْرُ التَّقَدُّمُ وَالزِّيَادَةُ، وَالْكَوْنُ مِنْ قَوْلِهِمْ كَانَ فُلَانٌ عَلَى حَالَةٍ جَمِيلَةٍ فَحَارَ عَنْهَا أَيْ رَجَعَ، وَقَوْلِهِمْ حَارَ بَعْدَ مَا كَانَ أ. هـ. أَقُولُ: فَيَكُونُ مَعْنَى (الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ) بِالرَّاءِ، النَّقْصُ بَعْدَ الزِّيَادَةِ، وَمَعْنَى (الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْنِ) بِالنُّونِ الرُّجُوعُ مِنَ الْحَالَةِ الْجَمِيلَةِ إِلَى الْحَالَةِ الْقَبِيحَةِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.

(٢) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.

(٣) الدُّلْجَةُ: بِضَمِّ الدَّالِ فَسُكُونٍ أَوْ بِفَتْحَتَيْنِ، قَالَ فِي الصِّحَاحِ: السَّيْرُ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ وَآخِرِهِ.

(٤) أَيْ طَيًّا حَقِيقِيًّا يُكْرِمُ اللهُ بِهِ مَنْ أَتَى بِهَذَا الْأَدَبِ امْتِثَالًا لِذَلِكَ، إِذْ فِي رِوَايَةٍ: (عَلَيْكَ بِالدُّلْجَةِ، فَإِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً مُوَكِّلِينَ يَطْوُونَ الْأَرْضَ لِلْمُسَافِرِ كَمَا تُطْوَى الْقَرَاطِيسُ).

(٥) دَلِيلُهُ حَدِيثُ الْبَيْهَقِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ مَضَى وَنَاقَتُهُ تُقَادُ.

52