192

Al-ḥikma fīʾl-daʿwa ilā Allāh Taʿālā

الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى

Publisher

وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٣هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

المطلب الأول
من مواقف أبي بكر الصديق ﵁
له ﵁ مواقف حكيمة تدل على عظم شأنه وصدقه مع الله ﷿، ومن هذه " المواقف على سبيل المثال لا الحصر ما يأتي:
١ - دفاعه عن النبي ﷺ والقيام بنصرته:
عن عروة بن الزبير ﵁ قال: قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص: أخبرني بأشد ما صنع المشركون برسول الله ﷺ، قال: بينما رسول الله ﷺ يصلي في حجر الكعبة، إذ أقبل عقبة بن أبي مُعيط، فأخذ بمنكب رسول الله ﷺ، ولوى ثوبه في عنقه، فخنقه خنقًا شديدًا، فأقبلِ أبو بكر، فأخذ بمنكبه ودفعه عن رسول الله ﷺ وقال: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [غافر: ٢٨] (١).
وهو أشجع الصحابة ﵃، فقد رُوِي عن علي ﵁ أنه خطب، فقال: أيها الناس أخبروني من أشجع الناس؟ قالوا: أنت يا أمير المؤمنين! قال: أما إني ما بارزت أحدًا إلا انتصفت منه، ولكن أخبروني بأشجع الناس! قالوا: لا نعلم، فمن؟ قال: أبو بكر. إنه لما كان يوم بدر، جعلنا لرسول الله ﷺ عريشًا، فقلنا: من يكون مع الرسول ﷺ لئلّا يهوي إليه أحد من المشركين، فوالله ما دنا منه أحد إلا أبو بكر، شاهرًا بالسيف على رأس رسول الله ﷺ لا يهوي إليه أحد إلَّا أَهْوى إليه، فهذا أشجع الناس.
قال علي ﵁: ولقد رأيت رسول الله ﷺ وأخذته قريش، فهذا يحاده، وهذا يتلتله (٢) وهم يقولون: أنت الذي جعلت الآلهة إلهًا

(١) سورة غافر، الآية ٢٨.
والحديث في البخاري مع الفتح، كتاب المناقب، باب ما لقي النبي ﷺ وأصحابه من المشركين بمكة ٧/ ١٦٥، ٧/ ٢٢، ٨/ ٥٥٣، وتقدم تخريجه، ص ١٥٠.
(٢) يتلتله: يزعزعه ويزلزله. انظر: مختار الصحاح، مادة: تلل، ص ٣٣، والمعجم الوسيط ١/ ٨٧.

1 / 210