Ihkam Fi Usul Ahkam
الإحكام في أصول الأحكام
Publisher
المكتب الإسلامي
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٠٢ هـ
Publisher Location
(دمشق - بيروت)
[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فِي الْمَبَادِئِ الْكَلَامِيَّةِ]
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ
فِي الْمَبَادِئِ الْكَلَامِيَّةِ
فَنَقُولُ: اعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ أُصُولُ الْفِقْهِ هِيَ أَدِلَّةَ الْفِقْهِ، وَكَانَ الْكَلَامُ فِيهَا مِمَّا يُحْوِجُ إِلَى مَعْرِفَةِ الدَّلِيلِ، وَانْقِسَامِهِ إِلَى مَا يُفِيدُ الْعِلْمَ أَوِ الظَّنَّ، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَتِمُّ دُونَ النَّظَرِ، دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى تَعْرِيفِ مَعْنَى الدَّلِيلِ، وَالنَّظَرُ وَالْعِلْمُ وَالظَّنُّ مِنْ جِهَةِ التَّحْدِيدِ وَالتَّصْوِيرِ لَا غَيْرُ.
أَمَّا الدَّلِيلُ، فَقَدْ يُطْلَقُ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى الدَّالِّ، وَهُوَ النَّاصِبُ لِلدَّلِيلِ.
وَقِيلَ: هُوَ الذَّاكِرُ لِلدَّلِيلِ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى مَا فِيهِ دَلَالَةٌ وَإِرْشَادٌ، وَهَذَا هُوَ الْمُسَمَّى دَلِيلًا فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُوَصِّلًا إِلَى عِلْمٍ أَوْ ظَنٍّ.
وَالْأُصُولِيُّونَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ مَا أَوْصَلَ إِلَى الْعِلْمِ، وَمَا أَوْصَلَ إِلَى الظَّنِّ، فَيَخُصُّونَ اسْمَ الدَّلِيلِ بِمَا أَوْصَلَ إِلَى الْعِلْمِ، وَاسْمَ الْأَمَارَةِ بِمَا أَوْصَلَ إِلَى الظَّنِّ. (١) وَعَلَى هَذَا فَحَدُّهُ عَلَى أُصُولِ الْفُقَهَاءِ: أَنَّهُ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يُتَوَصَّلَ بِصَحِيحِ النَّظَرِ فِيهِ إِلَى مَطْلُوبٍ خَبَرِيٍّ.
فَالْقَيْدُ الْأَوَّلُ: احْتِرَازٌ عَمَّا لَمْ يُتَوَصَّلْ بِهِ إِلَى الْمَطْلُوبِ لِعَدَمِ النَّظَرِ فِيهِ، فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ دَلِيلًا لَمَّا كَانَ التَّوَصُّلُ بِهِ مُمْكِنًا.
وَالْقَيْدُ الثَّانِي: احْتِرَازٌ عَمَّا إِذَا كَانَ النَّاظِرُ فِي الدَّلِيلِ بِنَظَرٍ فَاسِدٍ.
وَالثَّالِثُ: احْتِرَازٌ عَنِ الْحَدِّ الْمُوَصِّلِ إِلَى الْعِلْمِ التَّصَوُّرِيِّ، وَهُوَ عَامٌّ لِلْقَاطِعِ وَالظَّنِّيِّ.
وَأَمَّا حَدُّهُ عَلَى الْعُرْفِ الْأُصُولِيِّ، فَهُوَ مَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ بِهِ إِلَى الْعِلْمِ بِمَطْلُوبٍ خَبَرِيٍّ، وَهُوَ مُنْقَسِمٌ: إِلَى عَقْلِيٌّ مَحْضٌ، وَسَمْعِيٌّ مَحْضٌ، وَمُرَكَّبٌ مِنَ الْأَمْرَيْنِ.
_________
(١) وَلَكِنَّهُمْ عَمَلِيًّا يُطْلِقُونَ اسْمَ الدَّلِيلِ عَلَى مَا هُوَ ظَنِّيٌّ بَلْ عَلَى الشُّبْهَةِ يَتَبَيَّنُ ذَلِكَ لِمَنْ تَتَبَّعَ أَدِلَّتَهُمْ.
1 / 9