368

Al-Iḥkām fī uṣūl al-aḥkām

الإحكام في أصول الأحكام

Publisher

المكتب الإسلامي

Edition Number

الثانية

Publication Year

1402 AH

Publisher Location

(دمشق - بيروت)

[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ فِي طُرُقِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ
فِي طُرُقِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ
أَمَّا طُرُقُ التَّعْدِيلِ فَمُتَفَاوِتَةٌ فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يُصَرِّحَ الْمُزَكِّي بِالتَّعْدِيلِ قَوْلًا، أَوْ لَا يُصَرِّحُ بِهِ.
فَإِنْ صَرَّحَ بِهِ بِأَنْ يَقُولَ: " هُوَ عَدْلٌ " رِضًا، فَإِمَّا أَنْ يَذْكُرَ مَعَ ذَلِكَ السَّبَبَ بِأَنْ يَقُولَ (لِأَنِّي عَرَفْتُ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا) أَوْ لَا يَذْكُرُ السَّبَبَ.
فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ، فَهُوَ تَعْدِيلٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَالْأَظْهَرُ مِنْهُ التَّعْدِيلُ، كَمَا سَبَقَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَهَذَا الطَّرِيقُ مَرْجُوحٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَوَّلِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ وَلِنُقْصَانِ الْبَيَانِ فِيهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ (١) .
وَأَمَّا إِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّعْدِيلِ قَوْلًا، لَكِنْ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِ، أَوْ عَمِلَ بِرِوَايَتِهِ، أَوْ رَوَى عَنْهُ خَبَرًا.
فَإِنْ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِ فَهُوَ أَيْضًا تَعْدِيلٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَإِلَّا كَانَ الْحَاكِمُ فَاسِقًا بِشَهَادَةِ مَنْ لَيْسَ بِعَدْلٍ عِنْدَهُ، وَهَذِهِ الطَّرِيقُ أَعْلَى مِنَ التَّزْكِيَةِ بِالْقَوْلِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبٍ لِتَفَاوُتِهِمَا فِي الِاتِّفَاقِ وَالِاخْتِلَافِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ مِمَّنْ يَرَى الْحُكْمَ بِشَهَادَةِ الْفَاسِقِ.
وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى التَّزْكِيَةِ مَعَ ذِكْرِ السَّبَبِ، فَالْأَشْبَهُ التَّعَادُلُ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الِاتِّفَاقِ عَلَيْهِمَا.
وَالْأَوَّلُ وَإِنِ اخْتَصَّ بِذِكْرِ السَّبَبِ، فَهَذَا مُخْتَصٌّ بِإِلْزَامِ الْغَيْرِ بِقَبُولِ الشَّاهِدِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ.
وَأَمَّا إِنْ عَمِلَ بِرِوَايَتِهِ عَلَى وَجْهٍ عُلِمَ أَنَّهُ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ فِي الْعَمَلِ سِوَاهَا، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الِاحْتِيَاطِ فَهُوَ أَيْضًا تَعْدِيلٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَإِلَّا كَانَ عَمَلُهُ بِرِوَايَةِ مَنْ لَيْسَ بِعَدْلٍ فِسْقًا.
وَهَذَا الطَّرِيقُ، وَإِنِ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ فِيهِ مُسْتَنِدًا إِلَى ظُهُورِ الْإِسْلَامِ وَالسَّلَامَةِ مِنَ الْفِسْقِ ظَاهِرًا، كَمَا فِي التَّعْدِيلِ بِالْقَوْلِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ

(١) هَذَا فِيمَا إِذَا أَثْنَى عَلَى مَنْ زَالَتْ عَنْهُ جَهَالَةُ الْعَيْنِ، أَمَّا إِذَا أَثْنَى عَلَى مُبْهَمٍ، كَأَنْ يَقُولُ حَدَّثَنِي الثِّقَةُ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُتَوَقَّفُ فِي الْحُكْمِ بِعَدَالَتِهِ حَتَّى تَزُولَ عَنْهُ جَهَالَةُ الْعَيْنِ، وَيُنْظَرُ فِي حَالِهِ فَقَدْ يَعْلَمُ فِيهِ جَرْحًا غَيْرُ مَنْ عَدَّلَهُ

2 / 88