32

Ihkam Fi Usul Ahkam

الإحكام في أصول الأحكام

Publisher

المكتب الإسلامي

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٠٢ هـ

Publisher Location

(دمشق - بيروت)

وَعَلَى هَذَا فَالْأَلْفَاظُ الْمَوْضُوعَةُ أَوَّلًا فِي ابْتِدَاءِ الْوَضْعِ فِي اللُّغَةِ لَا تُوصَفُ بِكَوْنِهَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا، وَإِلَّا كَانَتْ مَوْضُوعَةً قَبْلَ ذَلِكَ الْوَضْعِ وَهُوَ خِلَافُ الْفَرْضِ، وَكَذَلِكَ كَلُّ وَضْعٍ ابْتِدَائِيٍّ حَتَّى الْأَسْمَاءِ الْمُخْتَرَعَةِ ابْتِدَاءً لِأَرْبَابِ الْحِرَفِ وَالصِّنَاعَاتِ لِأَدَوَاتِهِمْ وَآلَاتِهِمْ، وَإِنَّمَا تَصِيرُ حَقِيقَةً وَمَجَازًا بِاسْتِعْمَالِهَا بَعْدَ ذَلِكَ. وَبِهَذَا يُعْلَمُ بُطْلَانُ قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ كُلَّ مَجَازٍ لَهُ حَقِيقَةٌ وَلَا عَكْسَ. وَذَلِكَ لِأَنَّ غَايَةَ الْمَجَازِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَعْمَلًا فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا، وَمَا وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ أَوَّلًا لَيْسَ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا عَلَى مَا عُرِفَ. وَبِالنَّظَرِ إِلَى مَا حَقَّقْنَاهُ فِي مَعْنَى الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ يُعْلَمُ أَنَّ تَسْمِيَةَ اللَّفْظِ الْمُسْتَعْمَلِ فِيمَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا حَقِيقَةٌ، وَإِنْ كَانَ حَقِيقَةً بِالنَّظَرِ إِلَى الْأَمْرِ الْعُرْفِيِّ، غَيْرَ أَنَّهُ مَجَازٌ بِالنَّظَرِ إِلَى كَوْنِهِ مَنْقُولًا مِنَ الْوُجُوبِ وَالثُّبُوتِ الَّذِي هُوَ مَدْلُولُ الْحَقِيقَةِ أَوَّلًا فِي اللُّغَةِ عَلَى مَا سَبَقَ تَحْقِيقُهُ. وَتَشْتَرِكُ الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ أَيْضًا فِي أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ مَا عَدَا الْوَضْعَ الْأَوَّلَ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو عَنِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ مَعًا، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَحَدِهِمَا فِيهِ. مَسَائِلُ هَذِهِ الْقِسْمَةِ خَمْسٌ:

1 / 34