Ihkam Fi Usul Ahkam
الإحكام في أصول الأحكام
Publisher
المكتب الإسلامي
Edition Number
الثانية
Publication Year
1402 AH
Publisher Location
(دمشق - بيروت)
Genres
Jurisprudence
[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ هل التمسك بأقل ما قيل ليس تمسكا بالإجماع]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي دِيَةِ الْيَهُودِيِّ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّهَا مِثْلُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّهَا عَلَى الثُّلُثِ.
فَمَنْ حَصَرَهَا فِي الثُّلُثِ كَالشَّافِعِيِّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَظَنَّ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ مُتَمَسِّكٌ فِي ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلِ الْحَصْرُ فِي الثُّلُثِ مُشْتَمِلٌ عَلَى وُجُوبِ الثُّلُثِ وَنَفْيِ الزِّيَادَةِ، فَوُجُوبُ الثُّلُثِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ.
وَأَمَّا نَفْيُ الزِّيَادَةِ فَغَيْرُ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ ; لِوُقُوعِ الْخِلَافِ فِيهِ، بَلْ نَفْيُهُ عِنْدَ مَنْ نَفَى إِنَّمَا هُوَ مُسْتَنِدٌ إِمَّا إِلَى ظُهُورِ دَلِيلٍ فِي نَظَرِهِ بِنَفْيِهِ مِنْ وُجُودِ مَانِعٍ أَوْ فَوَاتِ شَرْطٍ أَوْ عَدَمِ الْمَدَارِكِ وَالِاعْتِمَادِ عَلَى اسْتِصْحَابِ النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ الْإِجْمَاعِ فِي شَيْءٍ.
[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ هل يثبت الإجماع بخبر الواحد]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ
اخْتَلَفُوا فِي ثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، فَأَجَازَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَأَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ وَالْحَنَابِلَةُ، وَأَنْكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا كَالْغَزَالِيِّ مَعَ اتِّفَاقِ الْكُلِّ عَلَى أَنَّ مَا ثَبَتَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لَا يَكُونُ إِلَّا ظَنِّيًّا فِي سَنَدِهِ (١) وَإِنْ كَانَ قَطْعِيًّا فِي مَتْنِهِ.
وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِجَوَازِهِ النَّصُّ وَالْقِيَاسُ، أَمَّا النَّصُّ: فَقَوْلُهُ ﵇: " «نَحْنُ نَحْكُمُ بِالظَّاهِرِ، وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ» "، ذَكَرَ (الظَّاهِرَ) بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ الْمُسْتَغْرِقَةِ فَدَخَلَ فِيهِ الْإِجْمَاعُ الثَّابِتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لِكَوْنِهِ ظَاهِرًا ظَنِّيًّا.
وَأَمَّا الْقِيَاسُ: فَهُوَ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ عَنِ الْإِجْمَاعِ مُفِيدٌ لِلظَّنِّ، فَكَانَ حُجَّةً كَخَبَرِهِ عَنْ نَصِّ الرَّسُولِ.
وَحُجَّةُ الْمَانِعِينَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ كَوْنَ (٢) الْإِجْمَاعِ الْمَنْقُولِ عَلَى لِسَانِ الْآحَادِ أَصْلًا مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ كَالْقِيَاسِ وَخَبَرِ الْوَاحِدِ عَنِ الرَّسُولِ، وَذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَرِدْ مِنَ الْأُمَّةِ
(١) لَا يَكُونُ إِلَّا ظَنِّيًّا فِي سَنَدِهِ، أَيْ: فِي ذَاتِهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنِ الْقَرَائِنِ الَّتِي قَدْ تَحْتَفِ بِهِ فَيُفِيدُ مَعَهَا الْعِلْمَ.
(٢) كَلِمَةُ كَوْنٍ زَائِدَةٌ، وَالصَّوَابُ: أَنَّ الْإِجْمَاعَ.
1 / 281