206

Ihkam Fi Usul Ahkam

الإحكام في أصول الأحكام

Publisher

المكتب الإسلامي

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٠٢ هـ

Publisher Location

(دمشق - بيروت)

قُلْنَا: اللَّفْظُ يَعُمُّ كُلَّ سَبِيلٍ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ، وَمَا ذَكَرُوهُ تَخْصِيصٌ لِعُمُومِ الِاتِّبَاعِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ فَلَا يُقْبَلُ. قَوْلُهُمْ: إِنَّهُ مَشْرُوطٌ بِسَابِقَةِ تَبَيُّنِ الْهُدَى إِلَى آخِرِهِ، فَجَوَابُهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ تَبَيُّنَ الْهُدَى إِنَّمَا هُوَ مَشْرُوطٌ فِي الْوَعِيدِ عَلَى الْمُشَاقَّةِ لَا فِي الْوَعِيدِ عَلَى اتِّبَاعِ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُشَاقَّةَ لَا تَكُونُ إِلَّا بَعْدَ تَبَيُّنِ الْهُدَى وَمَعْرِفَتِهِ بِدَلِيلِهِ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ لَا يُوصَفُ بِالْمُشَاقَّةِ. الثَّانِي: أَنَّ تَبَيُّنَ الْأَحْكَامِ الْفُرُوعِيَّةِ لَيْسَ شَرْطًا فِي مُشَاقَّةِ الرَّسُولِ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ تَبَيَّنَ صِدْقَ النَّبِيِّ، وَحَادَ عَنْهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُوصَفُ بِالْمُشَاقَّةِ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِالْفُرُوعِ غَيْرَ مُتَبَيِّنٍ لَهَا. وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مَعْرِفَةُ أَحْكَامِ الْفُرُوعِ شَرْطًا فِي الْمُشَاقَّةِ فَلَا تَكُونُ مُشْتَرَطَةً فِي لُحُوقِ الْوَعِيدِ بِاتِّبَاعِ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ فِيهَا. الثَّالِثُ: هُوَ أَنَّ الْآيَةَ إِنَّمَا خَرَجَتْ مَخْرَجَ التَّعْظِيمِ وَالتَّبْجِيلِ لِلْمُؤْمِنِينَ بِإِلْحَاقِ الذَّمِّ بِاتِّبَاعِ غَيْرِ سَبِيلِهِمْ. فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَشْرُوطًا بِتَبَيُّنِ كَوْنِهِ هُدًى، وَلَمْ يَكُنِ اتِّبَاعُهُمْ فِي سَبِيلِهِمْ لِأَجْلِ أَنَّهُ سَبِيلٌ لَهُمْ بَلْ لِمُشَارَكَتِهِمْ فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ لِتَبَيُّنِ كَوْنِهِ هُدًى، لَبَطَلَتْ فَائِدَةُ تَعْظِيمِ الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَتَمَيُّزِهِمْ بِذَلِكَ. فَإِنَّ كُلَّ مَنْ ظَهَرَ الْهُدَى فِي قَوْلِهِ وَاعْتِقَادِهِ، فَالْوَعِيدُ حَاصِلٌ بِمُخَالَفَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَذَلِكَ كَالْوَعِيدِ عَلَى عَدَمِ مُشَارَكَةِ الْيَهُودِ فِيمَا ظَهَرَ كَوْنُ مُعْتَقَدِهِمْ فِيهِ هُدًى كَإِثْبَاتِ الصَّانِعِ، وَاعْتِقَادِ كَوْنِ مُوسَى رَسُولًا كَرِيمًا. قَوْلُهُمْ: الْمُرَادُ مِنَ (الْمُؤْمِنِينَ) الْأَئِمَّةُ الْمَعْصُومُونَ أَوْ مَنْ كَانَ فِيهِمُ الْإِمَامُ الْمَعْصُومُ عَنْهُ جَوَابَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُودِ الْإِمَامِ الْمَعْصُومِ وَهُوَ بَاطِلٌ بِمَا حَقَّقْنَاهُ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ. الثَّانِي: أَنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ فَتَخْصِيصُهَا بِالْأَئِمَّةِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (١) الَّذِينَ فِيهِمُ الْإِمَامُ الْمَعْصُومُ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ غَيْرُ مَقْبُولٍ.

(١) صَوَابُهُ: أَوْ.

1 / 208