Ihkam Fi Usul Ahkam
الإحكام في أصول الأحكام
Publisher
المكتب الإسلامي
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٠٢ هـ
Publisher Location
(دمشق - بيروت)
عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فَعَلَهُ إِنْ كَانَ وَاجِبًا فَوَاجِبًا، وَإِنْ كَانَ نَدْبًا فَنَدْبًا.
وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّ مَا فَعَلَهُ وَاجِبٌ حَتَّى تَكُونَ مُتَابَعَتُنَا لَهُ فِيهِ وَاجِبَةً.
وَعَنِ الْآيَةِ السَّابِعَةِ أَنَّ غَايَتَهَا الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ حُكْمَ أُمَّتِهِ مُسَاوٍ لِحُكْمِهِ فِي الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا فَعَلَهُ وَاجِبًا لِيَكُونَ فِعْلُنَا لَهُ وَاجِبًا.
وَعَنِ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ مِنَ السُّنَّةِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ بِجِهَةِ الْوُجُوبِ، بَلْ لَعَلَّهُمْ رَأَوْا مُتَابَعَتَهُ فِي خَلْعِ النَّعْلِ مُبَالَغَةً فِي مُوَافَقَتِهِ، وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخَلْعَ بِطَرِيقِ الْمُتَابِعَةِ لَهُ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا إِنْكَارُهُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: " «لِمَ خَلَعْتُمْ نِعَالَكُمْ» "، وَلَوْ كَانَتْ مُتَابَعَتُهُ فِي فِعْلِهِ وَاجِبَةً عَلَى الْإِطْلَاقِ لَمَا أَنْكَرَ ذَلِكَ (١) .
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ وَإِنْ ظَنُّوا وُجُوبَ الْمُتَابَعَةِ، لَكِنْ لَا مِنَ الْفِعْلِ، بَلْ لِقِيَامِ دَلِيلٍ أَوْجَبَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ وَبَيَانُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ ﵇ كَانَ قَدْ قَالَ لَهُمْ " «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» " فَفَهِمُوا أَنَّ صَلَاتَهُ بَيَانٌ لِصَلَاتِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَدْ خَلَعَ نَعْلَهُ تَابَعُوهُ فِيهِ لِظَنِّهِمْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ.
الثَّانِي: أَنَّهُمْ كَانُوا مَأْمُورِينَ بِأَخْذِ زِينَتِهِمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَدْ خَلَعَ نَعْلَهُ ظَنُّوا وَجُوبَهُ وَأَنَّهُ لَا يَتْرُكُ الْأَمْرَ الْمَسْنُونَ الْمَأْمُورَ إِلَّا لِوَاجِبٍ.، وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ وُجُوبَ الْمُتَابَعَةِ عِنْدَ قِيَامِ الدَّلِيلِ.
وَعَنِ الْخَبَرِ الثَّانِي، أَنَّ فَهْمَهُمْ لِوُجُوبِ مُتَابَعَتِهِ فِي أَفْعَالِ الْحَجِّ إِنَّمَا كَانَ مُسْتَنِدًا إِلَى قَوْلِهِ ﵇: " «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» " لَا إِلَى فِعْلِهِ.
وَعَنِ الْخَبَرِ الثَّالِثِ، أَنَّ الْوِصَالَ لِلنَّبِيِّ ﵇ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ، بَلْ غَايَتُهُ أَنَّهُ كَانَ مُبَاحًا لَهُ.
وَوُجُوبُ الْمُتَابَعَةِ فِيمَا أَصْلُهُ وَاجِبٌ مُمْتَنِعٌ (٢) كَمَا سَبَقَ، بَلْ ظَنُّهُمْ إِنَّمَا كَانَ مُشَارَكَتَهُ فِي إِبَاحَةِ الْوِصَالِ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ، وَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ عَنِ الْخَبَرِ الرَّابِعِ.
(١) قَدْ يُقَالُ إِنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنْ سَأَلَهُمْ لِيَبْنِيَ عَلَى جَوَابِهِمْ إِرْشَادَهُمْ وَتَعْلِيمَهُمْ مَا يَفْعَلُونَ بِنِعَالِهِمْ وَنَحْوِهَا إِذَا وَجَدُوا، وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ مِثْلَ مَا وَجَدَ فِي نَعْلِهِ. (٢) أَقُولُ: تَجِبُ مُتَابَعَتُهُ فِي اعْتِقَادِ إِبَاحَةِ الْمُبَاحِ، وَالْعَمَلُ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْإِبَاحَةِ دُونَ غُلُوٍّ فِي فِعْلِهِ، كَالْمَطْلُوبِ أَوْ فِي تَرْكِهِ كَالْمَمْنُوعِ إِنْزَالًا لِلْأَحْكَامِ مَنْزِلَتَهَا فَلَيْسَتِ الْعِبَارَةُ عَلَى إِطْلَاقِهَا.
1 / 182