167

Al-Iḥkām fī uṣūl al-aḥkām

الإحكام في أصول الأحكام

Publisher

المكتب الإسلامي

Edition Number

الثانية

Publication Year

1402 AH

Publisher Location

(دمشق - بيروت)

[الْأَصْلُ الثَّانِي فِي السُّنَّةِ]
[الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فِي عِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ ﵈]
الْأَصْلُ الثَّانِي
فِي السُّنَّةِ
وَهِيَ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنِ الطَّرِيقَةِ، فَسُنَّةُ كُلِّ أَحَدٍ مَا عُهِدَتْ مِنْهُ الْمُحَافَظَةُ عَلَيْهِ وَالْإِكْثَارُ مِنْهُ، كَانَ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْحَمِيدَةِ أَوْ غَيْرِهَا.
وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ فَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْعِبَادَاتِ نَافِلَةً مَنْقُولَةً عَنِ النَّبِيِّ ﵇ وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى مَا صَدَرَ عَنِ الرَّسُولِ مِنَ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ مِمَّا لَيْسَ بِمَتْلُوٍّ، وَلَا هُوَ مُعْجِزٌ وَلَا دَاخِلٌ فِي الْمُعْجِزِ، وَهَذَا النَّوْعُ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْبَيَانِ هَاهُنَا، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَقْوَالُ النَّبِيِّ ﵇، وَأَفْعَالُهُ وَتَقَارِيرُهُ.
أَمَّا الْأَقْوَالُ مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالتَّخْيِيرِ وَالْخَبَرِ وَجِهَاتِ دَلَالَتِهَا فَسَيَأْتِي إِيضَاحُهَا فِي الْأَصْلِ الرَّابِعِ الْمَخْصُوصِ بِبَيَانِ مَا تَشْتَرِكُ فِيهِ الْأَدِلَّةُ الْمَنْقُولَةُ الشَّرْعِيَّةُ.
وَلْيَكُنِ الْبَيَانُ هَاهُنَا مَخْصُوصًا بِمَا يَخُصُّ النَّبِيَّ ﵇ مِنَ الْأَفْعَالِ وَالتَّقَارِيرِ، وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدِّمَتَيْنِ وَخَمْسِ مَسَائِلَ.
الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى (١) .
فِي عِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ ﵈، وَشَرْحِ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ وَمَا وَقَعَ الِاتِّفَاقُ مِنْ أَهْلِ الشَّرَائِعِ عَلَى عِصْمَتِهِمْ عَنْهُ مِنَ الْمَعَاصِي وَمَا فِيهِ الِاخْتِلَافُ أَمَّا قَبْلَ النُّبُوَّةِ، فَقَدْ ذَهَبَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمُ الْمَعْصِيَةُ كَبِيرَةً كَانَتْ أَوْ صَغِيرَةً، بَلْ وَلَا يَمْتَنِعُ عَقْلًا إِرْسَالُ مَنْ أَسْلَمَ وَآمَنَ بَعْدَ كُفْرِهِ.
وَذَهَبَتِ الرَّوَافِضُ إِلَى امْتِنَاعِ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْهُمْ قَبْلَ النُّبُوَّةِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ هَضْمَهُمْ فِي النُّفُوسِ وَاحْتِقَارَهُمْ وَالنُّفْرَةَ عَنِ اتِّبَاعِهِمْ، وَهُوَ خِلَافُ مُقْتَضَى الْحِكْمَةِ مِنْ بَعْثَةِ الرُّسُلِ، وَوَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ الْمُعْتَزِلَةِ إِلَّا فِي الصَّغَائِرِ.

(١) انْظُرْ كِتَابَ النُّبُوَّاتِ ص ١٦٦ وج ٢ مِنْ مِنْهَاجِ السُّنَّةِ لِابْنِ تَيْمِيَّةَ

1 / 169