114

Ihkam Fi Usul Ahkam

الإحكام في أصول الأحكام

Publisher

المكتب الإسلامي

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٠٢ هـ

Publisher Location

(دمشق - بيروت)

أَمَّا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى فَلِضَرُورَةِ التَّغَايُرِ بِالشَّخْصِيَّةِ بَيْنَ السُّجُودِ لِلَّهِ تَعَالَى وَالسُّجُودِ لِلصَّنَمِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَحْرِيمِ أَحَدِ السُّجُودَيْنِ تَحْرِيمُ الْآخَرِ، وَلَا مِنَ الْوُجُوبِ الْوُجُوبُ. وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ السُّجُودَ مَأْمُورٌ بِهِ لِلَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ السُّجُودُ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَذَلِكَ، فَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، بَلِ السُّجُودُ الْمُقَيَّدُ بِقَصْدِ تَعْظِيمِ الرَّبِّ تَعَالَى دُونَ مَا قُصِدَ بِهِ تَعْظِيمُ الصَّنَمِ ; وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ﴾ وَلَوْ كَانَ كَمَا ذَكَرُوهُ لَكَانَ عَيْنُ الْمَأْمُورِ بِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ، وَهُوَ مُحَالٌ. وَأَمَّا الْقَمَرُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، فَلِضَرُورَةِ تَغَايُرِ الْفِعْلِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ اخْتِلَافِ جِهَتَيْهِ مِنَ الْغَصْبِ وَالصَّلَاةِ ; وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّغَايُرَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ كَمَا أَنَّهُ قَدْ يَقَعُ بِتَعَدُّدِ النَّوْعِ تَارَةً كَالْإِنْسَانِ وَالْفَرَسِ، وَبِتَعَدُّدِ الشَّخْصِ تَارَةً كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو. فَقَدْ يَقَعُ التَّغَايُرُ مَعَ اتِّحَادِ الْمَوْضُوعِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ شَخْصِيًّا بِسَبَبِ اخْتِلَافِ صِفَاتِهِ، بِأَنْ يَكُونَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِأَحَدِ الْحُكْمَيْنِ الْمُتَقَابِلَيْنِ هُوَ الْهَيْئَةُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ مِنْ ذَاتِهِ وَإِحْدَى صِفَتَيْهِ، وَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ الْآخَرِ بِالْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ وَالصِّفَةِ الْأُخْرَى (١) كَالْحُكْمِ عَلَى زَيْدٍ بِكَوْنِهِ مَذْمُومًا لِفِسْقِهِ وَمَشْكُورًا لِكَرَمِهِ، وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَتَحَقَّقُ مَعَهُ التَّقَابُلُ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ وَالْمَنْعِ مِنْهُمَا. وَقَوْلُهُمْ: إِنِ الْفِعْلَ الْمَوْجُودَ مِنْهُ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ مُتَّحِدٌ وَهُوَ حَرَامٌ، فَلَا يَكُونُ وَاجِبًا. قُلْنَا: الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِالْحُرْمَةِ ذَاتُ الْفِعْلِ مِنْ حَيْثُ هُوَ فِعْلٌ، أَوْ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ غَصْبًا. الْأَوَّلُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، وَالثَّانِي فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ امْتِنَاعُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْوُجُوبِ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ صَلَاةً ضَرُورَةَ (٢) الِاخْتِلَافِ كَمَا سَبَقَ. (٣) فَإِنْ قِيلَ: مُتَعَلِّقُ الْوُجُوبِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ مُتَعَلِّقَ الْحُرْمَةِ، أَوْ هُوَ مُغَايِرٌ لَهُ. وَالْأَوَّلُ يَلْزَمُ مِنْهُ التَّكْلِيفُ بِمَا لَا يُطَاقُ، وَالْخَصْمُ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، سَوَاءٌ قِيلَ بِإِحَالَتِهِ أَوْ بِجَوَازِهِ. وَالثَّانِي إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقَ الْوُجُوبِ وَالتَّحْرِيمِ

(١) فِي الْعِبَارَةِ تَحْرِيفٌ، وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: وَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ الْآخَرِ هُوَ الْهَيْئَةُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ مِنَ الذَّاتِ وَالصِّفَةِ الْأُخْرَى. (٢) عِلَّةٌ لِعَدَمِ اللُّزُومِ. (٣) مِنْ بَيَانِ أَنَّ التَّغَايُرَ بِالصِّفَةِ كَالتَّغَايُرِ بِالنَّوْعِ وَالشَّخْصِ.

1 / 116