التلاوة (^١)، وأخبر عن نفسه ثانيًا (^٢)؛ فلا تكرار) (^٣) انتهى.
ولا يبعد أن يكون الأول للإخبار، والثاني للإنشاء؛ فلا تكرار (^٤)، ولذا أتى بلفظ الإفراد حيث لم يقل: نحمده؛ ليشاركه سائرُ العبادِ، وقُدِّمَتِ الجملةُ الاسميَّة لدلالتِها على الثبوت والدوام، ثم أتى بالجملة الفعلية إيماء إلى تجدُّدِ الإنعام، وتعدُّدِ الإكرام، في الليالي والأيام.
٥ - ثم الصلاة على محمد وعلى … أشياعه أبدًا تَنْدَى ندًى عَطِرا
الجملة خبريةٌ مبنًى، دُعائيةٌ معنًى، فكأنه قال: اللهم صل على محمد وعلى أتباعه من آله وأصحابه وأحبابه وسائر أشياعه أبد الآباد، في المعاش والمعاد، على لسان جميع العباد، من العلماء والصلحاء والزهاد والعُبَّاد، وقوله: "تندى"؛ على وزن ترضى، و"ندًى" بفتح النون مقصورًا منونًا و"عَطِرا" بفتح فكسر؛ أي: صلاةً تبل بللًا طيب الرائحة وتفوح فوحا كثير الفائحة في الفاتحة والخاتمة.
٦ - وبعدُ فالمستعانُ اللهُ في سببٍ … يَهْدِي إلى سَنَنِ المَرْسومِ مُخْتَصِرا
بني "بعدُ" على الضم لحذف المضاف إليه مَنْويًّا، وأتى بالفاء على تقدير أما وتعبيرها، أو على توهُّمِ تقريرِها وتحريرِها، أو لئلا يتوهم إضافةُ "بعدُ" إلى
(^١) مقصوده بلفظ التلاوة: (الحمد لله).
(^٢) وذلك في قول الشاطبي (أحمده …) الخ.
(^٣) انظر: الجميلة صـ ١٧.
(^٤) ليس تكرار الحمد -ولو من كل وجه تكرارًا محضًا- شيئًا يُعْتَذَرُ منه، فقد صنعه الشافعي في مقدمة الرسالة، وهو محتج بلغته، وحسبك فصاحتُه، وصنَعَه غيرُه، انظر: مقدمة الرسالة بتحقيق أحمد شاكر صـ ٧ - ٨.