31

Hawi Kabir

الحاوي الكبير

Investigator

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1419 AH

Publisher Location

بيروت

أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذِهِ صِفَةٌ لِلْمَاءِ فَلَمْ يَمْنَعْ مِنْهَا عَدَمُ الْحَاجَةِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَى التَّطْهِيرِ بِهِ. وَالْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْآيَةِ الِامْتِنَانُ بِمَا أَعَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى لِخَلْقِهِ فِي الجنة مما هو أعز مَشْرُوبًا فِي الدُّنْيَا. وَأَمَّا قَوْلُ جَرِيرٍ فَهُوَ دَلِيلٌ لَنَا، لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ الْمَدْحَ لِرِيقِهِنَّ بِالطَّهُورِ بِهِ مُبَالَغَةً، وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ طَاهِرًا لما كان مادحا، لأن ريق البهائم طاهرا أَيْضًا، وَإِنَّمَا بَالَغَ بِأَنْ جَعَلَهُ مُطَهِّرًا تَشْبِيهًا بِالْمَاءِ. وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِأَنَّ كُلَّ فَعُولٍ كَانَ مُتَعَدِّيًا كَانَ فَاعِلُهُ مُتَعَدِّيًا. فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّهُ إِنَّمَا سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي التَّعَدِّي إِذَا أَمْكَنَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ التَّعَدِّي، وَلَيْسَ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ الطَّهُورِ وَالطَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ التَّعَدِّي. فَثَبَتَ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا مِنْ جِهَةِ التَّعَدِّي. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّهُ لَوْ كَانَ مُتَعَدِّيًا لَمْ يَنْطَلِقِ الِاسْمُ عَلَيْهِ إِلَّا بَعْدَ وُجُودِ التَّعَدِّي مِنْهُ فَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى بِصِفَةٍ قَدْ تُوجَدُ فِي الْبَاقِي مِنْهُ كَقَوْلِهِمْ طَعَامٌ مشبع، وماء مروي، ونار مُحْرِقَةٌ، وَسَيْفٌ قَاطِعٌ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ متعديا لتكرر الفعل منه. فَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذِهِ صِفَةٌ لِجِنْسِ الْمَاءِ وَجِنْسُ الْمَاءِ يَتَكَرَّرُ مِنْهُ فِعْلُ الطَّهَارَةِ. وَالثَّانِي: أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنَ الْمَاءِ يَتَكَرَّرُ مِنْهُ الْفِعْلُ فِي إِمْرَارِهِ عَلَى العضو وانتقاله من محل إلى محل. مسألة قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: وَكُلُّ مَاءٍ مِنْ بَحْرٍ عَذْبٍ أَوْ مَالِحٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ سَمَاءٍ أَوْ بَرَدٍ أَوْ ثَلْجٍ مُسَخَّنٍ وَغَيْرِ مُسَخَّنٍ فَسَوَاءٌ وَالتَّطَهُّرُ بِهِ جَائِزٌ ". قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْتَرَضَ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا الْفَصْلِ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ طَرِيقِ اللُّغَةِ فَقَالُوا: قَوْلُهُ " فَكُلُّ مَاءٍ مِنْ بَحْرٍ عَذْبٍ أَوْ مَالِحٍ " خَطَأٌ فِي اللُّغَةِ، لِأَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ مَاءٌ مِلْحٌ، وَلَا تَقُولُ: مَالِحٌ، وَإِنَّمَا هَذَا مِنْ كَلَامِ الْعَامَّةِ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَصَدَ بِهِ إِفْهَامَ الْعَامَّةِ، لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ مَاءٌ مِلْحٌ لَأَشْكَلَ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ هُوَ الصَّوَابَ. وَالْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ مَاءٌ مِلْحٌ وَمَاءٌ مَالِحٌ. قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ وَهُوَ شَاعِرُ قُرَيْشٍ:

1 / 39