Al-Ḥāwī al-Kabīr
الحاوي الكبير
Editor
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition
الأولى
Publication Year
1419 AH
Publisher Location
بيروت
مُوجِبًا لِلْوُضُوءِ فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ زَوَالُ الْعَقْلِ مُوجِبًا لَهُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ زَوَالُ عَقْلِهِ بِجُنُونٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ سَكَرٍ أَوْ فَزَعٍ أَوْ رَهْبَةٍ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ قِيلَ إِنْ كَانَ مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَنْزَلَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ اغْتَسَلَ، قَالَ أَصْحَابُنَا: إِنْ كَانَ الْإِغْمَاءُ لَا يَنْفَكُّ من الْإِنْزَالِ فَعَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ الْغُسْلُ إِذَا أَفَاقَ لِأَجْلِ الْإِنْزَالِ لَا لِلْإِغْمَاءِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَنْفَكُّ مِنْهُ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ، وَلَوْ فَعَلَهُ اسْتِحْبَابًا كَانَ أَفْضَلَ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ ﷺ َ -: حِينَ اغْتَسَلَ لَمَّا أَفَاقَ مِنْ مَرَضِهِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فِي حَالِ إِغْمَائِهِ جَالِسًا أَوْ مُضْطَجِعًا بِخِلَافِ النَّائِمِ لِأَنَّهُ لَا يُحِسُّ بِمَا يَكُونُ عِنْدَ الْإِغْمَاءِ لَا فِي حَالِ الْجُلُوسِ وَلَا فِي غَيْرِهِ فلو أن متوضئًا شرب نبيذ فَسَكِرَ لَزِمَهُ غَسْلُ النَّبِيذِ مِنْ فَمِهِ وَمَا أَصَابَ مِنْ جَسَدِهِ وَأَنْ يَتَوَضَّأَ لِزَوَالِ عَقْلِهِ وَلَوْ لَمْ يَسْكَرْ غَسَلَ النَّبِيذَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِقَاءُ مَا شَرِبَ مِنَ النَّبِيذِ، ولو فعل كان أفضل.
(مسألة)
: قال الشافعي ﵁: " وَمُلَامَسَةُ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ، وَالْمُلَامَسَةُ أَنْ يُفْضِيَ بِشَيْءٍ منه إلى جسدها، أو تفضي إليه لا حَائِلَ بَيْنَهُمَا أَوْ يُقَبِّلَهَا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، وَالْمُلَامَسَةُ هِيَ الْقِسْمُ الرَّابِعُ مِنْ أَقْسَامِ مَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ فَإِذَا لَمَسَ الرَّجُلُ بَدَنَ الْمَرْأَةِ أَوِ الْمَرْأَةُ بَدَنَ الرَّجُلِ، فَالْوُضُوءُ عَلَى اللَّامِسِ مِنْهُمَا وَاجِبٌ سَوَاءٌ لَمَسَ بِشَهْوَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ عُمَرُ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ، وَمِنَ التَّابِعِينَ مَكْحُولٌ وَالشَّعْبِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَمِنَ الْفُقَهَاءِ النَّخَعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ: إِنْ قَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ لَمْ يَنْتَقِضْ.
وَقَالَ أبو حنيفة وأبو يوسف: وَإِنِ انْتَشَرَ ذَكَرُهُ بِالْمُلَامَسَةِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَشِرْ لَمْ يَنْتَقِضْ وَقَالَ عَطَاءٌ إِنْ مَسَّ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، وَإِنْ مَسَّ مَنْ تَحِلُّ لَهُ لَمْ يَنْتَقِضْ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، ومحمد بن الحسن: لَا وُضُوءَ فِي الْمُلَامَسَةِ بِحَالٍ وَاسْتَدَلُّوا جَمِيعًا عَلَى سُقُوطِ الْوُضُوءِ مِنْهَا عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِيهَا بِرِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ
1 / 183