172

Al-Ḥāwī al-Kabīr

الحاوي الكبير

Editor

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition

الأولى

Publication Year

1419 AH

Publisher Location

بيروت

غَائِطٍ وبولٍ ونومٍ فَأَطْلَقَ النَّوْمَ وَلَمْ يُفَرِّقْ، وَلِأَنَّ النَّوْمَ إِذَا صَادَفَ حَالًا مُؤَثِّرًا فِي خُرُوجِ الرِّيحِ كَانَ نَاقِضًا لِلْوُضُوءِ كَالِاضْطِجَاعِ طَرْدًا أَوِ الْقُعُودِ عَكْسًا.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْحَدِيثِ المروي عن ابن عباس فهو أن مَعْلُولٌ أَنْكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي حَدِيثِهِ فَقَالَ أَحْمَدُ: أَبُو خَالِدٍ الدَّالَانِيُّ لَمْ يَلْقَ قَتَادَةَ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَمْ يَرْوِ قَتَادَةُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ إِلَّا أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا، وَإِذَا كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ أَئِمَّةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ كَانَ مُطَّرَحًا، وَأَمَّا حَدِيثُ حُذَيْفَةَ فَهُوَ أَنْكَرُ عِنْدَهُمْ مِنَ الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ثُمَّ لَوْ سَلَّمْنَا لَكَانَ التَّعْلِيلُ فِيهِ بِاسْتِرْخَاءِ الْمَفَاصِلِ يَقْتَضِي حَمْلَهُ عَلَى مَا لَمْ يُرْخِهَا مِنَ النُّعَاسِ دُونَ النَّوْمِ، وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الْجُلُوسِ فَالْمَعْنَى فِي الْجُلُوسِ أَنَّهُ يخلف العينين فِي حِفْظِ السَّبِيلِ عَنْ خُرُوجِ الصَّوْتِ وَالرِّيحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَا سِوَاهُ.
(فَصْلٌ)
: فَأَمَّا الْقِسْمُ الَّذِي لَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ مِنْ أَقْسَامِ النَّوْمِ فَهُوَ النَّوْمُ قَاعِدًا لَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ قَلِيلًا كَانَ النَّوْمُ أَوْ كَثِيرًا، وَقَالَ الْمُزَنِيُّ نَوْمُ الْقَاعِدِ يُوجِبُ الْوُضُوءَ كَنَوْمِ الْمُضْطَجِعِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِنْ كَانَ نَوْمُ الْقَاعِدِ كَثِيرًا أَوْجَبَ الْوُضُوءَ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَمْ يُوجِبْهُ وَاسْتَدَلَّ الْمُزَنِيُّ بِحَدِيثِ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ الْمُرَادِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ َ - يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا مُسَافِرِينَ أَوْ سَفْرَى أَلَّا ننزع خفافنا ثلاثة أيامٍ ولياليهن إلا من جنابةٍ لَكِنْ مِنْ غائطٍ وبولٍ ونومٍ، فَكَانَ النَّوْمُ عَلَى عُمُومِ الْأَحْوَالِ مُوجِبًا لِلطَّهَارَةِ كَمَا كَانَ الْغَائِطُ وَالْبَوْلُ مُوجِبًا عَلَى عُمُومِ الْأَحْوَالِ، قال ولأن مَا كَانَ حَدَثًا فِي غَيْرِ حَالِ الْقُعُودِ كَانَ حَدَثًا فِي حَالِ الْقُعُودِ كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ، وَأَمَّا مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ فَإِنَّهُمُ اسْتَدَلُّوا بِأَنَّ قَلِيلَ النَّوْمِ فِي الْقُعُودِ لَا يُرْخِي الْمَفَاصِلَ فَكَانَ السَّبِيلُ مَحْفُوظًا، وَإِذَا كَثُرَ وَطَالَ اسْتَرْخَتِ الْمَفَاصِلُ فَصَارَ السَّبِيلُ مُسْتَطْلَقًا، وَدَلِيلُنَا حَدِيثُ حُذَيْفَةَ ﵁ أَنَّهُ نَامَ قَاعِدًا فَلَمَّا أنبهه النبي ﷺ َ - قَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِنْ هَذَا وضوءٌ فَقَالَ: لَا، وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ َ - قَالَ: الْعَيْنَانِ وِكَاءُ السَّهِ فَإِذَا نَامَتِ الْعَيْنَانِ اسْتَطْلَقَ الْوِكَاءُ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ َ - الْعَيْنَيْنِ وِكَاءَ السَّهِ فِي حِفْظِ السَّبِيلِ فَكَذَلِكَ الْأَرْضُ تَخْلُفُ الْعَيْنَيْنِ فِي حِفْظِ السَّبِيلِ.
ثُمَّ بَيَّنَ بِالتَّعْلِيلِ أَنَّ النَّوْمَ لَيْسَ بِحَدَثٍ وَإِنَّمَا هُوَ سَبِيلٌ إِلَى الْحَدَثِ فَإِذَا وُجِدَ عَلَى صفة

1 / 180