Al-Ḥāwī al-Kabīr
الحاوي الكبير
Editor
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1419 AH
Publisher Location
بيروت
وَقَدْ رَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ َ - أَنَّهُ قَالَ: " نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ قباءٍ: ﴿رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ المُطَهِّرِينَ) ﴿التوبة: ١٠٨) قَالَ: كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْمَاءِ فَنَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةُ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَتَعَدَّى الْمَخْرَجَ إِلَى ظَاهِرِ الْأَلْيَةِ وَأُصُولِ الْفَخِذَيْنِ فَلَا يُجْزِئُ فِيهِ إِلَّا الْمَاءُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِعْمَالُ الْأَحْجَارِ فِيهِ لِأَنَّ الْأَحْجَارَ رُخْصَةٌ فِي الِاسْتِنْجَاءِ وَهَذِهِ نَجَاسَةٌ ظَاهِرَةٌ خَرَجَتْ عَنْ حُكْمِ الِاسْتِنْجَاءِ فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْأَحْجَارَ فِيمَا بَطَنَ وَالْمَاءَ فِيمَا ظَهَرَ فَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُجَوِّزُ لَهُ ذَلِكَ اعْتِبَارًا بِمَحَلِّ كُلٍّ واحد منهما لَوِ انْفَصَلَ وَهَذَا خَطَأٌ.
وَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ ذَلِكَ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ الْمُتَّصِلَةَ حُكْمُهَا وَاحِدٌ فَلَمَّا لَمْ يُجْزِ الْأَحْجَارُ فِي بَعْضِهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ لَمْ يُجْزِ فِي الْبَعْضِ وَهُوَ الْبَاطِنُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ الْمَاءُ فِي الْجَمِيعِ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَتَعَدَّى الْمَخْرَجَ وَيُفَارِقَ الْحَلْقَةَ يَسِيرًا إِلَى بَاطِنِ الْأَلْيَةِ دُونَ ظَاهِرِهَا فَفِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِ الْأَحْجَارِ فِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ الْمُزَنِيُّ هَاهُنَا وَأَشَارَ إِلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْأَحْجَارُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّجَاسَاتِ أَنَّهَا لَا تُزَالُ إِلَّا بِالْمَاءِ وَإِنَّمَا جُوِّزَ فِي إِزَالَتِهَا بِالْأَحْجَارِ فِي مَوْضِعٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ مَا لَمْ يَعْدُ مَخْرَجَهُ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ وَحَكَاهُ الرَّبِيعُ، أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِ النَّاسِ، وَفِي الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ تَرْكٌ لِاسْتِعْمَالِهَا.
فَأَمَّا الْبَوْلُ إِذَا تَجَاوَزَ مَخْرَجَهُ فَلَا يُجْزِئُ فِيهِ إِلَّا الْمَاءُ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّ مَا تَجَاوَزَ الْمَخْرَجَ ظَاهِرٌ وَلَيْسَ كَبَاطِنِ الإلية والنجاسة في ظاهر الجسد لا يجزأ فيه إلا الماء.
(مسألة)
: قال الشافعي ﵁: " وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَسْتَطِيبَ بِيَمِينِهِ فَيُجْزِئُ وَبِالْعَظْمِ فَلَا يُجْزِئُ أَنَّ الْيَمِينَ أداةٌ وَالنَهْيُ عَنْهَا أدبٌ وَالِاسْتِطَابَةَ طهارةٌ وَالْعَظْمُ لَيْسَ بطاهرٍ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، وَالْمَقْصُودُ بِهِ بَيَانُ الْفَرْقِ بَيْنَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ وَبِالْعَظْمِ حَيْثُ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُمَا ثُمَّ جَازَ بِالْيَمِينِ مَعَ وُرُودِ النَّهْيِ وَلَمْ يَجُزْ بِالْعَظْمِ لِأَجْلِ النَّهْيِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ يَدْخُلُ فَرْقُ الشَّافِعِيِّ فِيهِمَا:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْيَمِينِ لِمَعْنًى فِي الْفَاعِلِ فَلَمْ يَقْتَضِ النَّهْيُ فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ
1 / 170