Al-Ḥāwī al-Kabīr
الحاوي الكبير
Editor
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1419 AH
Publisher Location
بيروت
وَأَمَّا الْمَعْنَى فَهُوَ أَنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ إِذَا كَانَ مُبَاحًا إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ كَانَ مُبَاحًا إِلَى الْقِبْلَةِ قِيَاسًا عَلَى كَشْفِهَا لِلْمُبَاشَرَةِ، وَلِأَنَّ كُلَّ جِهَةٍ لَا يَحْرُمُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ إِلَيْهَا فِي الْمُبَاشَرَةِ لَمْ يَحْرُمْ كَشْفُ الْعَوْرَةِ إِلَيْهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ.
(فَصْلٌ)
: وَاسْتَدَلَّ مَنْ مَنَعَ مِنِ اسْتِقْبَالِهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَأَبَاحَ اسْتِدْبَارَهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِحَدِيثَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: لَقَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ ﵇ كُلَّ شيءٍ حتى الخرأة، قَالَ: أَجَلٌ لَقَدْ نَهَانَا ﷺ َ - (أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بغائطٍ وبولٍ وَأَلَّا نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ، وَأَلَّا يَسْتَنْجِيَ أَحَدُنَا بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أحجارٍ أَوْ نَسْتَنْجِيَ برجيعٍ أَوْ عظمٍ) .
وَالثَّانِي: مَا رَوَاهُ أَبُو زَيْدٍ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ أَبِي مَعْقِلٍ الْأَسَدِيِّ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ َ - (أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَتَيْنِ ببولٍ أَوْ غائطٍ) .
فَلَمَّا نَصَّ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ عُلِمَ إِبَاحَةُ الِاسْتِدْبَارِ، وَلِأَنَّ كُلَّ حُكْمٍ تَعَلَّقَ بِالْقِبْلَةِ اخْتَصَّ بِاسْتِقْبَالِهَا دُونَ اسْتِدْبَارِهَا كَالصَّلَاةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ (مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ) مِنْ تَحْرِيمِ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ فِي الصَّحَارِي مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْأَوَّلُونَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي أَيُّوبَ، وَعَلَى إِبَاحَةِ ذَلِكَ فِي الْبُنْيَانِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْآخَرُونَ مِنْ حَدِيثَيْ جَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ، ثُمَّ الدَّلِيلُ عَلَيْهِمَا حَدِيثَانِ آخَرَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَا رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ ذَكْوَانَ عَنْ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ: قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ثُمَّ جَلَسَ يَبُولُ إِلَيْهَا فَقُلْتُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ هَذَا قَالَ: بَلَى إِنَّمَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْفَضَاءِ فَأَمَّا إِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شيءٌ يَسْتُرُكَ فَلَا بأسٍ.
1 / 153