44

Al-Haq Al-Ablaj fi Dahd Shubuhat Mafhum Al-Bid'ah Lil-‘Arfaj

الحق الأبلج في دحض شبهات مفهوم البدعة للعرفج

Publisher

دار الإمام مسلم للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٨ هـ

Genres

فقال عمر: قد علمت، ولكنه حسن»، ومراده أن هذا الفعل لم يكن على هذا الوجه قبل هذا الوقت، ولكن له أصول من الشريعة يرجع إليها، فمنها أن النبي ﷺ كان يحث على قيام رمضان، ويرغب فيه، وكان الناس في زمنه يقومون في المسجد جماعات متفرقة ووحدانًا، وهو ﷺ صلى بأصحابه في رمضان غير ليلة، ثم امتنع من ذلك معلِّلًا بأنه خشي أن يكتب عليهم، فيعجزوا عن القيام به، وهذا قد أمن بعده ﷺ، وروي عنه أنه كان يقوم بأصحابه ليالي الأفراد في العشر الأواخر» (^١).
قال ابن حجر الهيتمي: «وقول عمر ﵁ في التراويح: «نعمت البدعة هي»، أراد البدعةَ اللغوية، وهو ما فعل على غير مثال، كما قال تعالى: ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ﴾] الأحقاف: ٩ [، وليست بدعة شرعًا، فإن البدعة الشرعية ضلالة كما قال ﷺ» (^٢).
وأما استدلالهم الرابع بجمع القرآن في مصحفٍ واحدٍ فلا يصح لسببين:
السبب الأول: أن جمع المصحف من الوسائل المعتبرة والمصالح المرسلة، وذلك أن المقتضي لجمعه ليس موجودًا في عهد رسول الله ﷺ؛ لأنه لا يخشى ذهاب القرآن لوجود رسول الله ﷺ بخلاف ما بعد موته، لكن لما كثر قتل القراء خشي ذهابه بذهاب حفاظه، وهو الذي كان السبب في إشارة عمر على أبي بكر بجمع القرآن، أو ان يقال إن رسول الله ﷺ لم يجمع القرآن في زمانه؛ لأنه لا زال في طور الزيادة والتقديم والتأخير، وهذا ما لا يكون بعد موته ﷺ

(^١) جامع العلوم والحكم (٢/ ١٢٨).
(^٢) الفتاوى الحديثية (ص: ٢٠٠).

1 / 49