157

Al-Hadith wal-Muhaddithun

الحديث والمحدثون

Edition Number

الأولى ١٣٧٨ هـ

Publication Year

١٩٥٨ م مطبعة مصر شركة مساهمة مصرية

Genres

من غيره، وإنما الذي جعله يتفوق على غيره من الصحابة في كثرة الرواية، أنه استجاز لنفسه أن ينسب إلى رسول الله ﷺ كل كلام حسن، قاله أو لم يقله، مما هو خارج عن دائرة الحلال والحرام، كالحث على مكارم الأخلاق، وأخبار الجنة والنار. قالوا: وسند أبي هريرة في ذلك أحاديث رواها عن النبي ﷺ منها:
١- "إذا لم تحلوا حراما ولم تحرموا حلالا وأصبتم المعنى فلا بأس".
٢- "إذا حدثتم عني بحديث يوافق الحق فخذوا به، حدثت به أولم أحدث".
٣- "ما بلغكم عني من قول حسن لم أقله فأنا قلته".
والجواب عن ذلك: أن كثرة أحاديث أبي هريرة مع تأخر إسلامه لا ترجع إلى ما زعموه، وإنما ترجع إلى انقطاعه عن الدنيا إلى مجالسه ﷺ، وملازمته إياه سفرا وحضرا، وإلى دعاء النبي ﷺ له، ألا ينسى شيئا من حديثه، وغل أنه عاش بعد وفاته ﷺ نحوا من خمسين عاما، يأخذ عن الصحابة ما فاته من الأحاديث، ثم يرويها للناس.
وأما زعمهم أنه استجاز لنفسه أن يكذب على رسول الله ﷺ في غير الحلال والحرام، فباطل من وجوه:
١- أن أبا هريرة من رواة حديث: "من كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار"، وثبت عنه أنه كان يذكره بين يدي ما يريد أن يرويه، عن رسول الله ﷺ في كثير من مجالسه.
٢- وأن الصحابة قد أقروه على رواية الأحاديث، ورووها عنه،

1 / 160