40

Al-fatāwā al-nāfiʿa li-ahl al-ʿaṣr wa-huwa mukhtaṣar fatāwā al-Imām Ibn Taymiyya al-khamsa waʾl-thalāthīn majalladan

الفتاوى النافعة لأهل العصر وهو مختصر فتاوى الإمام ابن تيمية الخمسة والثلاثين مجلداً

Editor

حسين الجمل

Publisher

دار ابن الجوزي

Publication Year

1411 AH

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

ثم محاه بماء أو حرقه فهل له حرمة أم لا؟

فأجاب:

الحمد لله. أما المصحف العتيق والذي تخرق، وصار بحيث لا ينتفع به بالقراءة فيه، فإنه يُدفن في مكان يصان فيه، كما أن كرامة بدن المؤمن دفنه في موضع يصان فيه، وإذا كتب شيء من القرآن أو الذكر في إناء أو لوح ومحى بالماء وغيره، وشرب ذلك فلا بأس به، نص عليه أحمد وغيره، ونقلوا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه كان يكتب كلمات من القرآن والذكر، ويأمر بأن تسقى لمن به داء، وهذا يقتضي أن لذلك بركة.

والماء الذي توضأ به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو أيضاً ماء مبارك، صب منه على جابر وهو مريض، وكان الصحابة يتبركون به، ومع هذا فكان يتوضأ على التراب وغيره، فما بلغني أن مثل هذا الماء ينهى عن صبه في التراب ونحوه، ولا أعلم في ذلك نهياً، فإن أثر الكتابة لم يبق بعد المحو كتابة، ولا يحرم على الجنب مسه، ومعلوم أنه ليس له حرمة كحرمته ما دام القرآن والذكر مكتوبين، كما أنه لو صيغ فضة أو ذهب أو نحاس على صورة كتابة القرآن والذكر، أو نقش حجر على ذلك على تلك الصورة، ثم غيرت تلك الصياغة وتغير الحجر لم يجب لتلك المادة من الحرمة ما كان لها حين الكتابة.

وقد كان العباس بن عبد المطلب يقول في ماء زمزم: لا أحله لمغتسل، ولكن لشارب حل وبل. وروي عنه أنه قال: لشارب ومتوضئ. ولهذا اختلف العلماء هل يكره الغسل والوضوء من ماء زمزم وذكروا فيه روايتين عن أحمد، والشافعي احتج بحديث العباس، والمرخص احتج بحديث فيه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم توضأ من ماء زمزم، والصحابة توضأوا من الماء الذي نبع من بين أصابعه من بركته، لكن هذا وقت حاجة.

40