115

Al-Burhan fi Wujuh al-Bayan

البرهان في وجوه البيان

Investigator

د. حفني محمد شرف (أستاذ البلاغة، والنقد الأدبي المساعد - كلية دار العلوم، جامعة القاهرة)

Publisher

مكتبة الشباب (القاهرة)

Publisher Location

مطبعة الرسالة

Genres

تكلم يومًا فأوجز، فقيل له: لو زدتنا، فقال: أمرنا رسول الله ﷺ باختصار الخطب. ولهذا [المعنى] قال شاعر [الخوارج]. (كنا أناسًا على دين ففرقنا ... قذع الكلام وخلط الجد باللعب) (ما كان أغنى رجالًا ضل سعيهم ... عن الجدال وأعفاهم عن الخطب) وممن استعمل في قوله وكتبه الإيجاز والاختصار من القدماء ليهون بذلك حفظ كتبه على من يريد حفظها، ويقرب على ناقل أقواله و[كتبه] فقلها، أرسطاطاليس، وإقليدس، فإنهما [لم] يأتيا في شيء من كلامهما بما لا يتهيأ لأحد أن يختصره، أو أن يأتي في معناهما بأقل من لفظهما فيه. وممن استعمل الشرح والإطالة منهم ليفهم المتعلم، ويفصل المعاني للمتفهم، جالينيوس ويوحنا النحوي، وكل قد قصد مقصودًا لم يرد به إلا النفع والخير. ومن الأوصاف التي إذا كانت في الخطيب سمى سديدًا، وكان من العيب معها بعيدًا، أن يكون في جميع ألفاظه ومعانيه جاريًا على سجيته، غير مستكره لطبيعته، ولا متكلف ما ليس في وسعه، فإن التكلف إذا ظهر في الكلام هجنه، وقبح موقعه؛ وحسبك من ذم التكلف أن الله سبحانه أمر رسوله ﷺ بالتبرؤ منه فقال: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾.

1 / 162