Burhan Fi Usul Fiqh
البرهان في أصول الفقه
Investigator
صلاح بن محمد بن عويضة
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1418 AH
Publisher Location
بيروت
وقد تكلف بعض أصحاب الفور وزعم أنه يتعين للامتثال المكان الذي يصادف المخاطب فيه الإمكان في أول الزمان وهذا وإن كان كذلك فهو ساقط من جهة أن هذا إنما يثبت لاعتقاد تعين أول الزمان وفي مفارقة المكان تأخير عن أول الزمان فكان ذلك من حكم الزمان لا من حكم المكان.
وهذا الذي ذكره ﵀ بالغ في التخيل وقد [يكيع] عنه من ليس بذي حظ وافر في التحقيق.
١٥٦- وسبيل مفاتحته بالكلام أن نقول الابتدار إلى الامتثال أو تجويز التأخير مما لا ينكر عده من مقاصد الآمرين ولذلك تنافس المتنافسون ومن عد النظر في هذا الفن من قبيل النظر في تقدير ارتباط الامتثال بالتغيم والإصحاء فقد جانب الإنصاف واستوطأ مركب الإعتساف وهذا لا خفاء به قبل الخوض في المحاجة وحل ما موه به.
ثم الذي يخطر له ما ذكرناه من البدار ونقيضه قد لا يخطر له الوقت والزمان وحقيقتهما فاستبان أن ما ذكره ليس بالمرضى في مساق التحقيق ويطرد في عرف المتخاطبين البحث عما ذكرناه ويبعد البحث عما استشهد به من الحالات والتارات فكان تقدير مبادرة الامتثال في حكم غرض من الآمر يفرض فهمه والإحاطة به من غير نظر في الوقت.
١٥٧- ثم القول [الحق] فيه أن الأمر اقتضاء ناجز والمقتضى مطلوب على [الوجوب] وحق الوفاء بالطلب التنجيز مع الإمكان فمن أراد مداراة هذا بالإيهام [بذكر] الأوقات وخروجها من الإرادات فقد أبعد.
١٥٨- ومما تمسك به الفقهاء الصائرون إلى أن الامتثال هو المطلوب في أي وقت فرض أن قالوا إن الأمر يمثل بالبر في اليمين وإذا قال القائل لأدخلن الدار لم يتعين لإقسامه الوقت الأول ولكن مهما فرض الدخول كان برا وقد أوضحنا أن هذا المسلك مدخول فإنه قياس لفظ على لفظ مع العلم بتغاير معاني الصيغ وتفاوت قضاياها عند تغاير محالها ثم قول القائل لأدخلن الدار في حكم وعد مؤكد بالقسم والأمر طلب ناجز فليقتض الوفاء الناجز وهذا وإن كنت لا أرضاه فلم أورده معتمدا عليه وإنما ذكرته لإظهار إمكان تخيل الفرقان بين الصيغتين.
1 / 80