32

Al-Badrāniyya sharḥ al-manẓūma al-Fāriḍiyya ʿalā madhhab al-Imām Aḥmad b. Ḥanbal

البدرانية شرح المنظومة الفارضية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل

Editor

سامح جابر الحدا

Publisher

سفار لنشر نفيس الكتب والرسائل العلمية ومكتبة الإمام الذهبي للنشر والتوزيع

Publication Year

1440 AH

Publisher Location

الكويت

عام اثنين وأربعين وثلاثمائة بعد الألف في غرفتي في مدرسة عبد الله باشا العظم في دمشق، فانتبهتُ وقت الفجر وإذا بي أصبتُ في رجلي وفي يدي اليمناوين بحيث بطلتْ حركتهما، فنقلتُ في اليوم الثاني إلى المستشفى العام بدمشق المبني بالبرامكة، فكنت فيه كالغريب، وصار مَنْ كنتُ أعلمه وأصفِّي له قلبي كالعدو المجاهر المحتال، ومَنْ به من النَّصارى يعرفون قدري ويلاطفوني أحسنَ ملاطفة، فكنتُ أسلَّي نفسي بنظم الشعر بعد أن كنتُ تركته، وأروِّض يدي اليسرى على كتابة ما أنظمه، ولمّا كان ذلك تذكاراً لما بليتُ به قيدته في هذا الديوان؛ ليكون سانحة من السوانح، ويُعلم ما كنت ألاقيه من تقلبات الدَّهر، وهذه طليعة السوانح:

للهِ أشكو الذي قاسيتُ من ألمٍ ومن همومٍ بها زاد الضّنا ضَرَمي

قد بتّ ليلي في أمن وفي دعةٍ وفي صباحيَ لا أمشي على قدمي

أيقظت طرفي ورجلي مسّها خَدَرٌ وجاوَبَتْها يدي بالضعف والورمِ

نصفي اليمين أراه لا حراك به ولست أُظهر ما أبديه من كلَمي

إلى آخر ما نظمه، وقد ذكر في القصيدة حاله في المستشفى، وأحوال المرضى ممن يصيح من شدَّة الألم، ثم مدح طبيبه قائلاً:

جاء الطبيب يروم الفحص عن مرضي في دقَّةٍ ولهيب القلب في ضَرَمِ

أضحى يلاطفني أحلى ملاطفةً حسناء تنبئ عن لطف وعن شَمَمٍ

إلى آخر الأبيات، ثم قال رحمه الله: هذا ما جرى به القلم وأنا في حالة المرض الشَّديد أكتب بيدي الشمال(١).

(١) وقد مكث رحمه الله المستشفى نحو ستة أشهر ثم خرج.

28