Al-Athar Al-Thameen Fi Nusrat Aisha Umm Al-Mu'mineen
الأثر الثمين في نصرة عائشة ﵂ أم المؤمنين
Publisher
دار الفاروق للنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٣ هـ - ٢٠١٢ م
Publisher Location
عمان
Genres
يمرَّ يومٌ إلّا ويزوره النَّبيُّ ﷺ صباحًا ومساءً، فطوبى لأعين اكتحلت برؤيتك يا رَسُولَ الله ﷺ مؤمنة!
قَالَتْ عَائِشَةُ ﵂ في سياق حديث الهجرة: " وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ الله ﷺ طَرَفَيْ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِيَ المسْلِمُونَ خَرَجَ أَبو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ الحَبَشَةِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الْغِمَادِ (^١)، لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ، وَهُوَ سَيِّدُ القَارَةِ (^٢)، فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبا بَكْرٍ؟ فَقَالَ أَبو بَكْرٍ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي، فَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الْأَرْضِ، فَأَعْبُدَ رَبِّي، قَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ: إِنَّ مِثْلَكَ لَا يَخْرُجُ، وَلَا يُخْرَجُ؛ فَإِنَّكَ تَكْسِبُ المعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، وَأَنَا لَكَ جَارٌ فَارْجِعْ، فَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبِلَادِكَ.
فَارْتَحَلَ ابْنُ الدَّغِنَةِ، فَرَجَعَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، فَطَافَ فِي أَشْرَافِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَبا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلَا يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يُكْسِبُ المعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الكَلَّ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحقِّ؟!
فَأَنْفَذَتْ قُرَيْشٌ جِوَارَ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وَآمَنُوا أَبا بَكْرٍ، وَقَالُوا لِابنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أَبا بَكْرٍ، فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَلْيُصَلِّ، وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ، وَلَا يُؤْذِينَا بِذَلِكَ، وَلَا يَسْتَعْلِنْ بِهِ؛ فَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا. قَالَ ذَلِكَ ابْنُ الدَّغِنَةِ لِأَبِي بَكْرٍ، فَطَفِقَ أَبو بَكْرٍ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، وَلَا يَسْتَعْلِنُ بِالصَّلَاةِ وَلَا الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ دَارِهِ، ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَبَرَزَ، فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ القُرْآنَ فَيَتَقَصَّفُ
_________
(^١) «مَوْضِع جِهَة الْيَمَن.
(^٢) قَبِيلَة مِنْ بَنِي الْهُون.
1 / 24