Al-Ashbāh waʾl-Naẓāʾir
الأشباه والنظائر
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1419 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Jurisprudential Rules
كَالصِّدِّيقِ ﵁، لَهُ أَجْرُهُ وَأَجْرُ مِنْ دَوَّنَ الْفِقْهَ وَأَلَّفَهُ وَفَرَّعَ أَحْكَامَهُ عَلَى أُصُولِهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَإِنَّ الْمَشَايِخَ الْكِرَامَ قَدْ أَلَّفُوا مَا بَيْنَ مُخْتَصَرٍ وَمُطَوَّلٍ مِنْ مُتُونٍ وَشُرُوحٍ وَفَتَاوَى، وَاجْتَهَدُوا فِي الْمَذْهَبِ وَالْفَتْوَى وَحَرَّرُوا وَنَقَّحُوا، شَكَرَ اللَّهُ سَعْيَهُمْ، إلَّا أَنِّي لَمْ أَرَ لَهُمْ كِتَابًا يَحْكِي كِتَابَ الشَّيْخِ تَاجِ الدِّينِ السُّبْكِيّ الشَّافِعِيّ مُشْتَمِلًا عَلَى فُنُونٍ فِي الْفِقْهِ. وَقَدْ كُنْت لَمَّا وَصَلْت فِي شَرْحِ الْكَنْزِ إلَى تَبْيِيضِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، أَلَّفْت كِتَابًا مُخْتَصَرًا فِي الضَّوَابِطِ وَالِاسْتِثْنَاءَات مِنْهَا، سَمَّيْته بِـ"الْفَوَائِدِ الزَّيْنِيَّةِ فِي الْفِقْهِ الْحَنَفِيَّةِ" وَصَلَ إلَى خَمْسِمِائَةِ ضَابِطَةٍ، فَأُلْهِمْتُ أَنْ أَصْنَعَ كِتَابًا عَلَى النَّمَطِ السَّابِقِ مُشْتَمِلًا عَلَى سَبْعَةِ فُنُونٍ.
يَكُونُ هَذَا الْمُؤَلَّفُ النَّوْعُ الثَّانِي مِنْهَا:
الْأَوَّلُ: مَعْرِفَةُ الْقَوَاعِدِ الَّتِي تُرَدُّ إلَيْهَا وَفَرَّعُوا الْأَحْكَامَ عَلَيْهَا
وَهِيَ أُصُولُ الْفِقْهِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَبِهَا يَرْتَقِي الْفَقِيهُ إلَى دَرَجَةِ الِاجْتِهَادِ وَلَوْ فِي الْفَتْوَى، وَأَكْثَرُ فُرُوعِهَا ظَفِرْت بِهِ فِي كُتُبٍ غَرِيبَةٍ أَوْ عَثَرْت بِهِ فِي غَيْرِ مَظِنَّةٍ إلَّا أَنِّي بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ لَا أَنْقُلُ إلَّا الصَّحِيحَ الْمُعْتَمَدَ فِي الْمَذْهَبِ، وَإِنْ كَانَ مُفَرَّعًا عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ أَوْ رِوَايَةٍ ضَعِيفَةٍ نَبَّهْت عَلَى ذَلِكَ غَالِبًا.
وَحُكِيَ أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا طَاهِرٍ الدَّبَّاسَ جَمَعَ قَوَاعِدَ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ سَبْعَ عَشْرَةَ قَاعِدَةً وَرَدَّهُ إلَيْهَا.
وَلَهُ حِكَايَةٌ مَعَ أَبِي سَعِيدٍ الْهَرَوِيِّ الشَّافِعِيِّ ﵀، فَإِنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ سَافَرَ إلَيْهِ وَكَانَ
أَبُوطَاهِرٍ ضَرِيرًا، يُكَرِّرُ كُلَّ لَيْلَةٍ تِلْكَ الْقَوَاعِدِ بِمَسْجِدِهِ بَعْدَ أَنْ يَخْرُجَ النَّاسُ مِنْهُ، فَالْتَفَّ الْهَرَوِيُّ بِحَصِيرٍ وَخَرَجَ النَّاسُ وَأَغْلَقَ أَبُو طَاهِرٍ بَابَ الْمَسْجِدِ وَسَرَدَ مِنْهَا سَبْعَةً فَحَصَلَتْ لِلْهَرَوِيِّ سَعْلَةٌ فَأَحَسَّ بِهِ أَبُو طَاهِرٍ فَضَرَبَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ لَمْ
1 / 14