29

Al-Aḍwāʾ waʾl-shuʿāʿ ʿalā Kitāb al-Iqnāʿ

الأضواء والشعاع على كتاب الإقناع

Publisher

دار خضر

Edition

الأولى

Publication Year

1419 AH

Publisher Location

مكة المكرمة

قال ابن الجوزي: إن أحمد ضم إلى مالديه من العلم ماعجز عنه القوم من الزهد في الدنيا وقوة الورع. ثم إنه ضم إلى ذلك الصبر على الامتحان وبذل المهجة في نصرة الحق ولم يكن ذلك لغيره. وأخرج الحافظ ابن عساكر، عن الحسن بن الربيع أنه قال: أحمد إمام الدنيا، وقال: لولا أحمد لأحدثوا في الدين، وقال: إن لأحمد أعظم منة على جميع المسلمين وحق على كل مسلم أن يستغفر له.

قال ابن الجوزي: قلت فهذا بيان طريق المجتهدين من أصحاب أحمد لقوة علمه وفضله الذي حث على اتباعه عامة المتبعين يعني - بفتح الباء الموحدة - فأما المجتهدين من أصحابه فإنه تتبع دليله من غير تقليد له ولهذا يميل إلى إحدى الروايتين عنه دون الأخرى وربما اختار ماليس في المذهب أصلاً لأنه تابع للدليل وإنما ينسب هذا إلى مذهبه لميله لعموم أقواله.

تنبيه: لا يذهب بك الوهم مما قدمنا إلى أن الذين اختاروا مذهب أحمد وقدموه على غيره من الأئمة وهم من كبار أصحابه أنهم اختاروا تقليده على تقليد غيره في الفروع فإن مثل هؤلاء يأبى ذلك مسلكهم في كتبهم ومصنفاتهم بل المراد باختيار مذهبه إنما هو السلوك على طريقة أصوله في استنباط الأحكام، وإن شئت قل السلوك في طريق الاجتهاد ومسلكه دون مسلك غيره على الطريقة التي سنبينها فيما بعد إن شاء الله (وأما) التقليد في الفروع فإنه يترفع عنه كل من له ذكاء وفطنة وقدرة على تأليف الدليل ومعرفته وما التقليد إلا للضعفاء الجامدين الذين لا يفرقون

29