149

Al-Adhkar by An-Nawawi

الأذكار للنووي ت الأرنؤوط

Investigator

عبد القادر الأرنؤوط ﵀

Publisher

دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

" يا فُلانُ! أيُّمَا كانَ أحَبَّ إلَيْكَ؟ أَنْ تَمَتَّعَ بِهِ عُمُرَكَ أوْ لا تَأتِي غَدًا بابًا مِنْ أبْوَابِ الجَنَّةِ إِلاَّ وَجَدْتَهُ قَدْ سَبَقَكَ إِلَيْهِ يَفْتَحُهُ لَكَ؟ " قال: يا نبيّ الله، بل يسبقني إلى الجنة فيفتحها لي أحبّ إليّ، قال: " فَذَلِكَ لَكَ " (١) . وروى البيهقي بإسناده في " مناقب الشافعي " رحمهما الله، أن الشافعي بلغه أن عبد الرحمن بن مهدي ﵀ مات له ابن فجَزعَ عليه عبد الرحمن جزعًا شديدًا، فبعثَ إليه الشافعي ﵀: يا أخي عزِّ نفسك بما تَعَزَّى به غيرُك، واستقبحْ من فعلك ما تستقبحُه من فعل غيرك، واعلم أن أمضَّ المصائب فقدُ سرورٍ، وحرمانُ أجر، فكيف إذا اجتمعا مع اكتِساب وزر؟ فتناول حظَّكَ يا أخي إذا قرب منك قبل أن تطلبَه وقد نأى عنك، ألهمك اللَّهُ عند المصائب صبرًا، وأحرزَ لنا ولك بالصبر أجرًا، وكتب إليه: إنّي مُعَزِّيكَ لا أني على ثِقَةٍ مِنَ الخُلُودِ وَلَكِنْ سُنَّةُ الدّينِ فَمَا المُعَزَّى بِباقٍ بَعْدَ مَيِّتِهِ وَلا المُعَزِّي وَلَوْ عاشا إلى حِينِ وكتبَ رجلٌ إلى بعض إخوانه يعزُّيه بابنه: أما بعد: فإنَّ الولدَ على والده ما عاش حُزْنٌ وفتنة، فإذا قدّمه فصلاة ورحمة، فلا تجزعْ على ما فاتك من حزنه وفتنته، ولا تضيّع ما عوّضك الله عزّوجلّ من صلاته ورحمته. وقال موسى بن المهدي لإِبراهيم بن سالم وعزَّاه بابنه: أسَرَّك وهو بليّة وفتنة، وأحزنَك وهو صلوات ورحمة؟ !. وعزَّى رجل رجلًا فقال: عليك بتقوى الله والصبر، فبه يأخذ المحتسب، وإليه وإليه ": يرجع (٢) الجازع. وعزّى رجل رجلًا فقال: إن من كان لك في الآخرة أجرًا، خير ممّن كان لك في الدنيا سرورًا. وعن عبد الله بن عمر ﵄، أنه دفن ابنًا له وضحك عند قبره، فقيل له:

(١) وهو حديث صحيح. رواته متفق على التخريج لهم في الصحيحين، قال الحافظ: وَعَجَبٌ من اختصار الشيخ على تحسين سنده. (٢) أي إلى الصبر يرجع الجازعُ لطول المدّة، فيسلو كما تسلو البهائم، ويذهب سروره، وتنعدم على تلك المصيبة لجزعه أجوره. (*)

1 / 151