﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الأنعام: آية ٣٧].
﴿وَقَالُوا﴾ يعني الكفار - كفار مكةَ - هم الذين قالوا هذا القولَ (^١).
وقوله: ﴿لَوْلَا﴾ اعْلَمْ أَوَّلًا: أَنَّ (لَوْلَا) جاءت في القرآنِ العظيمِ لثلاثةِ مَعَانٍ معروفةٍ في القرآنِ العظيمِ، وفي كلامِ العربِ (^٢):
الأَوَّلُ: مِنْ هذه المعانِي الثلاثةِ: (لَوْلَا) المعروفةُ بأنها تَأْتِي لامتناعٍ لوجودٍ، وهي التي تَدُلُّ على امتناعِ شيءٍ لوجودِ شيءٍ، كقولِه: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ انتفى مسيسُ العذابِ العظيمِ لوجودِ فضلِ اللَّهِ ورحمتِه.
هذه التي يقال فيها إنها تدلُّ على امتناعٍ لوجودٍ، وخبرُ مبتدئِها محذوفٌ دائمًا في الأغلبِ (^٣).
الثانيةُ: هي (لَوْلَا) التي بمعنَى التحضيضِ (^٤)، وهذه تَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ. ومنها كانت (لَوْلَا) مشتركةً بين ثلاثةِ مَعَانٍ. لَوْلَا التحضيضيةُ إنما تَدُلُّ على التحضيضِ، والتحضيضُ معناه الطلبُ بِحَثٍّ وَحَضٍّ،