الرابع:
حذف ما كرروه، وإثبات ما حرروه.
الخامس:
تحقيق أمور غامضة اعتاصت على الأفهام لم يتعرض لها في الكتب أصلا، إذ الكل وإن تواردوا على منهج واحد فلا يستنكر أن ينفرد كل واحد من السالكين بالتنبيه لأمر يخصه ويغفل عنه رفقاؤه».
الفصل الرابع
أغلاط الإحياء
نذكر هنا شيئا من المآخذ التي أخذها المتقدمون على الغزالي فيما يخص كتاب الإحياء، لأن في ذلك بيانا لقيمة هذا الكتاب في نظر المتقدمين، ولأن فيه تمهيدا لما نحن بسبيله من نقد آراء الغزالي في الأخلاق: (1)
نقل السبكي في طبقات الشافعية أن أبا عبد الله المأزري قال وقد سئل عن الإحياء: «إن الغزالي يستحسن أشياء مبناها على ما لا حقيقة له، مثل قوله في قص الأظفار: تبدأ بالسبابة لأن لها الفضل على بقية الأصابع لكونها المسبحة!» (2)
وأنكروا عليه كما نقل الزبيدي، قوله في الإحياء: ليس في الإمكان أبدع مما كان، واستندوا في إنكارهم على أن هذا يوهم عجز الجناب الإلهي، وهو كفر صريح، وإنما انحصر إنكارهم في هذه الوجهة لإغراقها في المباحث الدينية، ولو كان لهم نصيب من العلم والفن لعدوا هذا عقبة في سبيل الاختراع. (3)
ونقل الزبيدي عن الأجوبة المرضية للشعراني أن مما أنكر على الغزالي قوله: يباح للصوفية تمزيق ثيابهم عند غلبة الحال، إن قطعت قطعا مربعة تصلح لترقيع الثياب والسجادات، كما يجوز تمزيق الثوب ليرقع به ثوب آخر! وقد أجاب الزبيدي على هذا بجواب مضحك جاء فيه: «وبالجملة فلو كان جميع أموال الدنيا وأمتعتها بيد الفقير ورأى حضور قلبه مع الله تعالى لحظة بإتلافها كلها، بحرقها أو رميها في بحر لكان ذلك بطريق الاجتهاد، ولا لوم إلا على من يمزق ثيابه ويتلف ماله إسرافا وسفها.» وقد فات الزبيدي أن غرض المنكر ليس منصبا على التبديد والإسراف، وإنما هو موجه إلى الخروج من الوقار، فإنه لا مرية في أن غرض الشرع من التجمل إنما يرجع إلى الرغبة في أن يسبغ على المؤمن رداء الجلال. (4)
Unknown page