وكذلك أم الأولاد، فإنها لا عمل لها إلا نقد كل حركة من حركات كنتها. تفتش دائما حولها لعل عينها تقع على من تغمزه على تلك العروس وتقول همسا: كنا وكنا ...!
أما الكنة فتقول وهي تتنهد: عجوز!
وإذا خرجنا من البيت الأبوي، عثرنا على أنماط لا تحصى في جميع ميادين الحياة. رأينا الجيل النازل لا يعجبه إلا القليل مما يعمله الجيل الطالع، والجيل الطالع لا يعجبه شيئا من أعمال السلف، يريد أن يقوض أساس ما بناه السابقون، وهذا هو ناموس الحياة الخفي، فالشباب يسعون ليتفوقوا على شيوخهم، والشيوخ يناضلون عن صرحهم ليظل شامخا. وهم لو قدروا لردوا الناس إلى عهد المغاور.
كم أضحك عندما أقرأ وداع القرن التاسع عشر في كتاب مجالي الغرر. عد كاتب ذاك المقال عجائب ذلك القرن واختراعاته من الداليجانس إلى المنطاد، فالقطار، والفونغراف، وتساءل عما سيحدث! وما مرت في سمائنا طائرة فدرين عام 1912 حتى قلنا ضاحكين من القطار: أمن يمشي على خط لا يحيد عنه كمن يروح ويجيء في الفضاء كما يشاء؟
شاء أحد شعرائنا أن يتخيل، فقال في نابليون:
قالوا لنابليون ذات عشية
إذ كان يرصد في السماء الأنجما
من بعد فتح الأرض ماذا تبتغي
فأجاب أبحث كيف أفتتح السما
واليوم، وقد فتحت السماء، وطرنا إلى الفضاء الخارجي، وفكرنا في التسابق إلى استعمار الأجواء واحتلال القمر، فهل يكون الفضل في هذا للشباب وحدهم، أم للشيوخ وحدهم؟
Unknown page