فقال شاب منهم: طيب؛ خبرنا عن العظائم التي أحدثت بعدنا.
فقلت لهذا الوقح الساخر: بلا أكل حلاوة ... جئت تهني أم جئت تتهكم؟ تظن أنك تحدث الإسكندر ذا القرنين أو نابليون. ليس في حياتي قمم تحتاج إلى مصعد كمصعد الأرز، ولا هوى تحتاج إلى حبال. النضال مستمر بيني وبين الحبر والورق، وأظنك ما نسيت مثل الحبر والورق. كلا الأخوين ...
نسيت يا ربي، أن أخبركم حادثة مهمة؛ عندما كنت صحفيا عام 1907-1914 حاولوا أن يستريحوا مني، ولكني سلمت وبقيت حتى اليوم لأثرثر معكم في هذه الساعة.
فانتصب واحد منهم، فأمرته بالانطواء فتكوم وهو يقول: حياة اليوم أفضل من حياة الأمس؟
فقلت: حياة اليوم فيها راحة ولكن حياة الأمس كانت ألذ، ومتى كثرت الراحة قلت اللذة. فقال غيره: أنت رجل عركتك الدنيا، فما أمر خيبة عانيتها؟
فأجبته: كأنك تخاطب ابن تسعين. تقول الدنيا: عركتني، فلو كانت عركتني لكانت فزرتني، أما أكبر الآلام فهي خيبة الأمل، وضياع الفضل.
فصاحوا جميعا: أتندم على الإحسان؟
فقلت: كأنكم تحدثون روكفلر وفورد. لا لم أندم، وسأظل أتبرع «بالملايين» حتى تأتي الراحة الكبرى ...
فقال خبيث منهم: أما وقد تحدثت عن الراحة الأبدية، فما رأيك في الموت؟
فقلت: الله يبعده، يظهر أنك قليل الذوق.
Unknown page