ألم ترها بيضاء، رودًا شبابها ... لطيفةٌ طيّ البطن كالشّادن الأغن
قال: فكلّما غنّى بيتًا بكى وتناول قدحًا فصبّ فبه من ذلك الشّراب، وشرب، ثمّ يعود إلى مثل ذلك.
قال: فأقمت طويلًا أرى ما يفعل وأبكي لبكائه، ثمّ سلّمت فردّ السّلام، واستأذنت فأذن لي فدخلت، فلمّا رآني أجلّني وأوسع لي. فقلت: يا فتى خبّرني بخبرك، وما أنت فيه، وما سبب هذا البكاء؟ قال: أنا فتىً من الأبناء، لي ابنة عمٍّ قد نشأنا جميعًا فعلقتها وعلقتني، ثمّ بلغنا فحجبت عنّي، فسألت عمّي ليزوّجنيها فأجاب، فمكثت حينًا أحتال لمهرها حتّى تهيّأ فأدّيته، فدخلت بها، فلمّا أن كان يوم سابعها ضرب عليّ البعث وخرجت وبي من الشّوق إليها ما لا أجده، فحملت معي هذا العود، فإذا أصبت شرابًا في بعض هذا القرى أخذت منه شيئًا، ثمّ أفعل ما ترى تذكارًا إليها.
فقلت: فهل تعرفني؟ فأنكرني، فما أدري أتعمّدًا أم حقيقةً.
قال، فقلت له: أنا يحيى بن خالد، فلمّا قلت له ذلك نهض قائمًا. فقلت: اجلس، فإذا كان غدًا فألقني، فهذا مضربي بالقرب منك، فإنّي أصير منك إلى ما تحب.
قال: ووافق ذلك رسولًا قد هيّأناه إلى المدينة، فما كان أسرع شيءٍ حتّى دنا الصّبح وتهيّأ النّاس للرّحيل، فأوّل من لقيني ذلك الفتى،