Al-Akhbār al-Mawaffiqiyyāt liʾl-Zubayr b. Bakkār
الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار
Editor
سامي مكي العاني
Publisher
عالم الكتب
Edition
الثانية
Publication Year
١٤١٦هـ-١٩٩٦م
Publisher Location
بيروت
وَتَكَلَّمَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، فَقَالَ: يَا ابْنَ عُقْبَةَ، الأَنْصَارُ أَحَقُّ بِالْغَضَبِ لِقْتَلَى أُحُدٍ، فَاكْفُفْ لِسَانَكَ، فَإِنَّ مَنْ قَتَلَهُ الْحَقُّ لا يُغْضَبْ لَهُ.
وَتَكَلَّمَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ، لَوْلا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: «الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ»، لَقُلْنَا: الأَئِمَّةُ مِنَ الأَنْصَارِ، وَلَكِنْ جَاءَ أَمْرٌ غَلَبَ الرَّأْيَ، فَأَقْمِعْ شِرَّتَكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ وَلا تَكُنِ امْرَأَ سَوْءٍ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي الدُّنْيَا، وَكَذَلِكَ اللَّهُ لا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ فِي الآخِرَةِ.
وَأَقْبَلَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ مُغْضَبًا مِنْ كَلامِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، وَشِعْرِهِ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ وَفِيهِ قَوْمٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّ أَعْظَمَ ذَنْبِنَا إِلَيْكُمْ قَتْلُنَا كُفَّارَكُمْ، وَحِمَايَتُنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وَإِنْ كُنْتُمْ تَنْقِمُونَ مِنَّا مِنَّةً كَانَتْ بِالأَمْسِ فَقَدْ كَفَى اللَّهُ شَرَّهَا، فَمَالَنَا وَمَالَكُمْ، وَاللَّهِ مَا يَمْنَعُنَا مِنْ قِتَالِكُمُ الْجُبْنُ، وَلا مِنْ جَوَابِكُمُ الْعِيُّ.
إِنَّا لَحَيُّ فِعَالٍ وَمَقَالٍ وَلَكِنَّا قُلْنَا: إِنَّهَا حَرْبٌ، أَوَّلُهَا عَارٌ وَآخِرُهَا ذُلٌّ، فَأَغْضَيْنَا عَلَيْهَا عُيُونَنَا، وَسَحَبْنَا ذُيُولَنَا حَتَّى نَرَى وَتَرَوْا، فَإِنْ قُلْتُمْ قُلْنَا، وَإِنْ سَكَتُّمْ سَكَتْنَا.
فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ سَكَتَ كُلٌّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ عَنْ صَاحِبِهِ، وَرَضِيَ الْقَوْمُ أَجْمَعُونَ، وَقَطَعُوا الْخِلافَ وَالْعَصَبِيَّةَ.
إَنَّ سَرِيَّةً كَانَتْ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ أَوْ لُعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، جَاءَتْ إِلَيْهِ تَشْكُوهُ، فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلا تَعْذُرُنِي مِنْ أَبِي عِيسَى؟ قَالَ: «وَمَنْ أَبُو عِيسَى»؟ قَالَتْ: ابْنُكَ عُبَيْدُ اللَّهِ، قَالَ: " وَيْحَكِ! وَقَدْ تَكَنَّى بِأَبِي عِيسَى!، ثُمَّ دَعَاهُ، فَقَالَ: إِيهًا، أَكْتَنَيْتَ بِأَبِي عِيسَى!، فَحَذِرَ وَفَزِعَ، وَأَخَذَ يَدَهُ فَعَضَّهَا، ثُمَّ ضَرَبَهُ وَقَالَ: وَيْلَكَ! وَهَلْ لِعِيسَى أَبٌ؟ أَتَدْرِي مَا كُنَى الْعَرَبِ؟ أَبُو سَلَمَةَ، أَبُو حَنْظَلَةَ، أَبُو عُرْفُطَةَ، أَبُو مُرَّةَ ".
وَكَانَ عُمَرُ إِذَا غَضِبَ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ لَمْ يَسْكُنْ غَضَبُهُ حَتَّى يَعَضَّ يَدَهُ عَضًّا شَدِيدًا، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ كَذَلِكَ.
وَلِقُوَّةِ هَذَا الْخُلُقِ عِنْدَهُ أَضْمَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي خِلافَتِهِ إِبْطَالَ الْقَوْلِ بِالْعَوْلِ، وَأَظْهَرَهُ بَعْدَهُ، فَقِيلَ لَهُ: هَلا قُلْتَ هَذَا فِي أَيَّامِ عُمَرَ فَقَالَ: هِبْتُهُ، وَكَانَ أَمِيرًا مَهِيبًا.
1 / 231