Akhbar Muwaffaqiyyat
الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار
Investigator
سامي مكي العاني
Publisher
عالم الكتب
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤١٦هـ-١٩٩٦م
Publisher Location
بيروت
قَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: إِنَّ اللَّهَ ﵎ خَلَقَ الْعَيْنَيْنِ فَجَعَلَهُمَا شَحْمَتَيْنِ، وَجَعَلَ الْمُلُوحَةَ فِيهِمَا مَنًّا مِنْهُ عَلَى ابْنِ آدَمَ، وَلَولا ذَلِكَ لَذَابَتَا فَذَهَبَتَا، وَجَعَلَ الْمَرَارَةَ فِي الأُذُنَيْنِ مَنًّا مِنْهُ عَلَيْهِ، وَلَولا ذَلِكَ لَهَجَمَتِ الدَّوَابُّ فَأَكَلَتْ دِمَاغَهُ.
وَجَعَلَ الْمَاءَ فِي الْمِنْخَرَيْنِ لِيَصْعَدَ مِنْهُ النَفَسُ وَيَنْزِلَ، وَيَجِدَ مِنْهُ الرِّيحَ الطَّيِّبَةَ مِنَ الرِّيحِ الرَّدِيَّةِ.
وَجَعَلَ الْعُذُوبَةَ فِي الشَّفَتَيْنِ لِيَجِدَ ابْنُ آدَمَ لَذَّةَ مَطْعَمِهِ وَمَشْرَبِهِ.
ثُمَّ قَالَ لأَبِي حَنِيفَةَ: أَخْبِرْنِي عَنْ كَلِمَةٍ أَوَّلُهَا شِرْكٌ وَآخِرُهَا إِيمَانٌ مَا هِيَ؟ قَالَ: لا أَدْرِي.
قَالَ: قُوْلُ الرَّجُلِ «لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ»، فَلَوْ قَالَ: «لا إِلَهَ»، ثُمَّ أَمْسَكَ كَانَ مُشْرِكًا، فَهَذِهِ كَلِمَةٌ أَوَّلُهَا شِرْكٌ وَآخِرُهَا إِيمَانٌ.
ثُمَّ قَالَ: وَيْحَكَ أَيُّمَا أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، قَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ أَمِ الزِّنَا؟ قَالَ: لا بَلْ قَتْلُ النَّفِسِ.
قَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ اسْمُهُ قَدْ رَضِيَ وَقَبِلَ فِي قَتْلِ النَّفْسِ بِشَاهِدَيْنِ، وَلَمْ يَقْبَلْ فِي الزِّنَا إِلا أَرْبَعَةً، فَكَيْفَ يَقُومُ لَكَ قِيَاسٌ؟ ثُمَّ قَالَ: أَيُّمَا أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ، الصَّوْمُ أَمِ الصَّلاةُ؟ قَالَ: لا بَلِ الصَّلاةُ.
قَالَ: فَمَا بَالُ الْمَرَّأَةِ إِذَا حَاضَتْ تَقْضِي الصِّيامَ وَلا تَقْضِي الصَّلاةَ؟ اتَّقِ اللَّهَ يَا عَبْدَ اللَّهِ وَلا تَقِسْ، نَقِفْ نَحْنُ غَدًا وَأَنْتَ وَمَنْ خَالَفَنَا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ﷿، فَنَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ، قَالَ اللَّهُ ﷿، وَتَقُولُ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ: سَمِعْنَا وَرَأَيْنَا، فَيَعْمَلُ بِنَا وَبِكُمْ مَا يَشَاءُ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، قَالَ: " خَرَجَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ يَوْمًا يَتَصَيَّدُ وَهُوَ أَمِيرُ الْعِرَاقِ، قَدْ تَفَرَّدَ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَإِذَا هُوَ بِأَعْرَابِيٍّ عَلَى أَتَانٍ لَهُ هَزِيلٍ وَمَعَهُ عَجُوزٌ لَهُ.
فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ: مِمَّنِ الرَّجُلُ؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِ الْمَآثِرِ وَالْحَسَبِ، قَالَ: أَفَأَنْتَ إِذًا مِنْ مُضَرَ، فَمِنْ أَيِّهَا أَنْتَ؟ قَالَ: مَنَ الْمُطَاعِنِينَ عَلَى الْخُيُولِ، الْمُعَانِقِينَ عِنْدَ النُّزُولِ.
قَالَ: فَأَنْتَ إِذًا مِنْ عَامِرٍ، فَمِنْ أَيِّهَا أَنْتَ؟ قَالَ: مِنَ الطَّالِبِينَ الثَّارَ، وَالْمَانِعِينَ الْجَارَ.
قَالَ: فَأَنْتَ إِذًا مِنْ كِلابٍ، فَمِنْ أَيِّهَا أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِ الْوَفَادَةِ وَالرِّيَاسَةِ.
قَالَ: فَأَنْتَ إِذًا مِنْ جَعْفَرٍ، فَمِنْ أَيِّهَا أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ بَدْرِهَا وَشَمْسِهَا، وَلُيُوثِهَا وَخِيسِهَا.
قَالَ: فَأَنْتَ إِذًا مِنَ الْحَوْصِ، فَمَا أَقْدَمَكَ هَذِهِ الْبِلادَ؟ قَالَ: تَتَابُعُ السِّنِينَ وَقِلَّةُ رِفْدِ الرَّافِدِ.
قَالَ: فَمَنْ أَرَدْتَ بِهَا؟ قَالَ: أَمِيرَكُمُ الَّذِي رَفَعَتْهُ إِمْرَتُهُ، وَحَطَّتْهُ أُسْرَتُهُ.
قَالَ: فَمَا أَرَدْتَ مِنْهُ؟ قَالَ: كَثْرَةَ دَرَاهِمِهِ لا كَرَمَ آبَائِهِ.
قَالَ: مَا أَرَاكَ إِلا قُلْتَ فِيهِ شِعْرًا.
قَالَ: فَقَالَ: لامْرَأَتِهِ: أَنْشِدِيهِ.
قَالَتْ: كَمْ تَجَشَّمْنَا مَدَحَ اللَّئِيمِ مُنْذُ الْيَوْمِ، إِنَّ مَدَحَ اللَّئِيمِ ذُلٌّ.
قَالَ: فَأَنْشِدِيهِ، فَأَنْشَدَتْ تَقُولُ:
1 / 20