Akhbar Muwaffaqiyyat

al-zubayr b. bakkar d. 256 AH
153

Akhbar Muwaffaqiyyat

الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

Investigator

سامي مكي العاني

Publisher

عالم الكتب

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤١٦هـ-١٩٩٦م

Publisher Location

بيروت

بِطَانَتَكَ، أَتُوا الرَّجُلُ فَسَأَلُوهُ أَنْ لا يَرْفَعَ مَظْلَمَتَهُ، فَإِنَّ الَّذِي يَتَظَلَّمُ مِنْهُ لَهُ بِهِ حُرْمَةٌ. وَمَا حُرْمَتُهُ قِدَمَ خِيَانَتِهِ، فَأَجَابَهُمْ صَاحِبُ الْمَظَالِمِ إِلَى ذَلِكَ، وَاخْتَلَفَ الْمَظْلُومُ أَيَّامًا يَلُوذُ بِهِ، وَيَشْكُو إِلَيْهِ، فَيَعْتَلُّ عَلَيْهِ، وَيَدْفَعُهُ ويُمَنِّيهِ، فَإِذَا ظَهَرْتَ صَرَخَ بَيْنَ يَدَيْكَ مُسْتَغِيثًا، فَضُرِبَ وَجُعِلَ نَكَالا لِغَيْرِهِ، وَأَنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَتَحْتَجُّ عَلَيْهِ بَأَنَّكُ قَدْ وَقَّفْتَ لَهُ رَجُلا يَنْظُرُ فِي ظَلامَتِهِ، فَمَا بَقَاءُ الْإِسْلامِ وَأَهْلِهُ عَلَى هَذَا؟ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ كَانَتْ بَنُو أُمَيَّةَ عَلَى مَا كَانَ فِيهِمْ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ بِطَانَتَهَا، لا تَنْهَى مَظْلُومًا عَنْ رَفْعِ مَظْلَمَةٍ، وَلَقَدْ كَانَ يَأْتِي الْمَظْلُومُ فِي عَصْرِ بَنِي أُمَيَّةَ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ حَتَّى إِذَا وَصَلَ إِلَى بَابِ سُلْطَانِهِمْ نَادَى: يَا أَهْلَ الْإِسْلامِ. فَيَقُولُونَ: مَا لَكَ؟ مَا لَكَ؟ لَيْسَ فِي ذَلِكَ طَلَبُ ثَوَابٍ إِلا الْتِمَاسَ مَكَارِمِ الدُّنْيَا. فَيَقُولُ أَخِي إِلَيَّ فِي الْإِسْلامِ كَذَا وَكَذَا، فَيَبْتَدِرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا الْمَنْطِقَ عِنْدَ سُلْطَانِهِمْ، فَيَقُولُونَ: بِالْبَابِ رَجُلٌ يَشْكُوا كَذَا وَكَذَا، فَيُنْظَرُ فِي ظَلامَتِهِ وَيُنْصَفُ. وَقَدْ كُنْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أُسَافِرُ إِلَى أَرْضِ الصِّينِ، فَقَدِمْتُهَا فِي بَعْضِ أَسْفَارِي، وَقَدْ أُصِيبَ مَلِكُهُمْ بِسَمْعِهِ، فَبَكَى يَوْمًا بَيْنَ يَدَيْ وُزَرَائِهِ، فَقَالُوا لَهُ: مَا أَبْكَاكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ لا بَكَتْ عَيْنَاكَ؟ قَالَ: أَمَا إِنِّي لَسْتُ أَبْكِي لِلْبَلِيَّةِ الَّتِي نَزَلَتْ بِي، وَلَكِنِّي أَبْكِي لِمَظْلُومٍ يَصْرُخُ وَلا أَسْمَعُ صَوْتَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَا إِذَا ذَهَبَ سَمْعِي فَإِنَّ بَصَرِي لَمْ يَذْهَبْ، نَادُوا فِي النَّاسِ: أَلا يَلْبَسُ ثَوْبًا أَحْمَرَ إِلا مَظْلُومٌ، ثُمَّ كَانَ يَرْكَبُ الْفِيلَ طَرَفَيِ النَّهَارِ فَيَنْظُرُ هَلْ يَرَى مَظُلُومًا. يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا مُشْرِكٌ بِاللَّهِ، قَدْ غَلَبَتْ رَأْفَتُهُ بِالْمُشْرِكِينَ شُحَّ نَفْسِهِ، وَأَنْتَ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ، ثُمَّ أَنْتَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ ﵌، فَلا يَغْلِبَنَّكَ شُحُّ نَفْسِكَ، فَتَدَعَ الرَّأْفَةَ بِالْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لا تَجْمَعُ الأَمْوَالَ إِلا لَواحِدٍ مِنْ ثَلاثٍ.

1 / 153