293

Akhbār Makka al-Musharrafa

أخبار مكة المشرفة

Editor

رشدي الصالح ملحس

Publisher

دار الأندلس للنشر

Publisher Location

بيروت

، فَقَالَ: أَرْجُو السَّلَامَةَ، فَأَذِنَتْ لَهُ، فَوَلَّى فِي صُورَةِ جَانٍّ، فَلَمَّا أَدْبَرَ جَعَلَتْ تُعَوِّذُهُ وَتَقُولُ: أُعِيذُهُ بِالْكَعْبَةِ الْمَسْتُورَةِ، وَدَعَوَاتِ ابْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ، وَمَا تَلَى مُحَمَّدٌ مِنْ سُورَةٍ، إِنِّي إِلَى حَيَاتِهِ فَقِيرَةٌ، وَإِنَّنِي بِعَيْشِهِ مَسْرُورَةٌ، فَمَضَى الْجَانُّ نَحْوَ الطَّوَافِ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَقْبَلَ مُنْقَلِبًا، حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ دُورِ بَنِي سَهْمٍ عَرَضَ لَهُ شَابٌّ مِنْ بَنِي سَهْمٍ أَحْمَرُ أَكْشَفُ أَزْرَقُ أَحْوَلُ أَعْسَرُ، فَقَتَلَهُ فَثَارَتْ بِمَكَّةَ غَبَرَةٌ حَتَّى لَمْ تُبْصَرْ لَهَا الْجِبَالُ، قَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ: وَبَلَغَنَا أَنَّهُ إِنَّمَا تَثُورُ تِلْكَ الْغَبَرَةُ عِنْدَ مَوْتِ عَظِيمٍ مِنَ الْجِنِّ، قَالَ: فَأَصْبَحَ مِنْ بَنِي سَهْمٍ عَلَى فُرُشِهِمْ مَوْتَى كَثِيرٌ مِنْ قَتْلَى الْجِنِّ الشبَابٍّ، قفِيهِمْ سَبْعُونَ شَيْخًا أَصْلَعَ سِوَى شَابٍّ، قَالَ: فَنَهَضَتْ بَنُو سَهْمٍ وَحُلَفَاؤُهُمْ وَمَوَالِيهِمْ وَعَبِيدُهُمْ، فَرَكِبُوا الْجِبَالَ وَالشِّعَابَ بِالثَّنِيَّةِ فَمَا تَرَكُوا حَيَّةً وَلَا عَقْرَبًا وَلَا حُكًا وَلَا عَضَايَةً وَلَا خُنْفُسًا وَلَا شَيْئًا مِنَ الْهَوَامِّ يَدُبُّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ إِلَّا قَتَلُوهُ، فَأَقَامُوا بِذَلِكَ ثَلَاثًا فَسَمِعُوا فِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ هَاتِفًا يَهْتِفُ بِصَوْتٍ لَهُ جَهْوَرِيٍّ، يُسْمَعُ بِهِ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اللَّهَ اللَّهَ فَإِنَّ لَكُمْ أَحْلَامًا وَعُقُولًا، اعْذِرُونَا مِنْ بَنِي سَهْمٍ، فَقَدْ قَتَلُوا مِنَّا أَضْعَافَ مَا قَتَلْنَا مِنْهُمْ، ادْخُلُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ بِالصُّلْحِ نُعْطِيهِمْ وَيُعْطُونَا الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ أَنْ لَا يَعُودَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ بِسُوءٍ أَبَدًا فَفَعَلَتْ ذَلِكَ قُرَيْشٌ وَاسْتَوْثَقُوا لِبَعْضٍ مِنْ بَعْضٍ فَسُمِّيَتْ بَنُو سَهْمٍ الْغَيَاطِلَةَ قَتْلَةَ الْجِنِّ "
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ نَبِيهَةَ السَّهْمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَاشِمٍ السَّهْمِيِّ، قَالَ: " كُنْتُ بِمَالٍ لِي بِتَبَالَةَ أَجِدُ نَخْلًا لِي بِهِ، وَبَيْنَ يَدَيَّ جَارِيَةٌ لِي فَارِهَةٌ ⦗١٧⦘ فَصُرِعَتْ قَدَمَيَّ، فَقُلْتُ لِبَعْضِ خَدَمِنَا: هَلْ رَأَيْتُمْ هَذَا مِنْهَا مِنْ قَبْلِ هَذَا؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَوَقَفْتُ عَلَيْهَا، فَقُلْتُ: يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ أَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَهْمٍ وَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْحَرْبِ وَمَا صِرْنَا إِلَيْهِ مِنَ الصُّلْحِ وَالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ أَنْ لَا يَغْدِرَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ، وَلَا يَعُودَ إِلَى مُكَرُوهِ صَاحِبِهِ فَإِنْ وَفَّيْتُمْ وَفَّيْنَا، وَإِنْ غَدَرْتُمْ عُدْنَا إِلَى مَا تَعْرِفُونَ قَالَ: فَأَفَاقَتِ الْجَارِيَةُ وَرَفَعَتْ رَأْسَهَا، فَمَا عِيدَ إِلَيْهَا بِمَكْرُوهٍ حَتَّى مَاتَتْ "

2 / 16