304

Ajnihat al-makr al-thalātha

أجنحة المكر الثلاثة

Publisher

دار القلم

Edition

الثامنة

Publication Year

١٤٢٠ هـ - ٢٠٠٠ م

Publisher Location

دمشق

Genres

ويفعل المستعمرون مثل ذلك بين المنتسبين إلى الفرق والطوائف والمذاهب الإسلامية، فيمعنون في التفرقة مثلًا بين سني وشيعي من المسلمين، وبين كل طائفة وأخرى، وكل أتباع مذهب وأتباع مذهب آخر، وهكذا إلى غير حد من وسائل التجزئة، التي مهروا في اصطناعها مهارة بلغت الغاية من المكر والدهاء، والكيد للإسلام والمسلمين.
فهل يتيقظ المسلمون فينفوا عنهم عوامل التفرقة، ويجتثوا ما زرعه أعداؤهم فيهم؟
(٥) التقسيم الطبقي
ومن التجزئة التي تعمل لها جيوش الغزاة لهدم وحدة المسلمين، ما يدسونه في صفوفهم من بواعث فوارق طبقية مختلفة، من شأنها أن تجزئ الأمة إلى وحدات وفرق وطبقات تتصارع فيما بينها، فتبدد بأيديها طاقاتها التي كان من الممكن أن تتجمع وتتوحد، وتكون قوة ذات شأن في الأرض، تعيد إلى المسلمين مكانهم الطبيعي القيادي بين الأمم.
فمن الغزاة من يحمل بين صفوف المسلمين شعار وحدة الطبقة العاملة، ومنهم من يهمس بين صفوفهم بوحدة الطبقة المستغلة، وكلا الاتجاهين يهدفان إلى غاية واحدة، هي هدم البنيان الواحد الذي يمسك بعضه بعضًا، ويكوِّن الأمة الإسلامية الواحدة، وهدم هذا البنيان المعقود عقدًا محكمًا قد يكون بنزع القفل الصلب الذي يمسكه، كما لو نزع قفل البرج العظيم انهارت جوانبه، وتناثرت أحجاره، وتهاوى يحطم بعضه بعضًا، بعد أن كان يشد بعضه بعضًا. وقد لا يكون الفرق بين موجبات الاستمرار ومسببات الانهيار كبيرًا، إذ يكفي إيجاد خلل يسير لهدم صرح شامخ.
وكثيرًا ما يستغفل أعداء الإسلام بعض المسلمين لتبني أمر يؤدي في النتيجة إلى هدم بناء الأمة الإسلامية، ثم يسخرونهم عمالًا يحملون عنهم

1 / 318