أعجمي فالعب به كتبه: إبراهيم بن عبدالله المديهش النشرة الثانية (١/ ٦/١٤٤٠ هـ)

1 / 1

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لانبي بعده أما بعد فهذا مقال علمي (١) عن ظاهرة غريبة على لغتنا وعاداتنا ... أشرت في نهاية مقالي السابق «الرطانة» (٢) إلى قاعدة أئمة اللغة العربية - رحمة الله عليهم - في تغيير الكَلِم الأعجمية عند نقلها: ... «أعجمي فالعب به»؛ لتوافق موازين العربية ولهجاتها، وأن التقعُّرَ والتكلًّفَ في نُطْق المفردة الأعجمية - إن كان حديثه بالعربية - والاتيانَ بنبرتها الدخيلة من أمارات المهانة النفسية، والاستهانة بلغة القرآن. إنَّ من حماية الأئمة للغة القرآن أن ضبطوا موازين اللغة، وحفظوا لهجات العرب، ولم يُدخلوا في كتبهم وألسنتهم لفظة أعجمية - مُعرَّبةً أو

(١) نُشر المقال أولًا في «جريدة الجزيرة»، المجلة الثقافية عدد (٤٥٦)، يوم السبت ... (٢٨/ ٢/ ١٤٣٦ هـ)، وهذه النسخة فيها إضافات. (٢) نُشر في الصحيفة السابقة، وفي مواقع في الشبكة.

1 / 2

دَخِيْلَةً - إلا بعد مرورها على المواصفات والمقاييس، فيلجأون - وهم في غاية الثقة والطمأنينة - إلى تبديل اللفظة الأعجمية لتوافقهم، لا لتبديل لسانهم موافقة للعُجمة! وفي زماننا نشاهد العكس، والفرق بينهما كما بين العزة والذلة! قال الشيخ العلامة د. بكر أبو زيد ﵀: (وإن العلماء في لغة العرب - شكر الله سعيهم - قد بذلوا جهودًا مكثَّفةً في القديم والحديث، فأنشؤا سدودًا منيعةً، وحصونًا حصينة للغة القرآن عن عوادي الهجنة والدخيل، ويظهر ذلك في المجامع - وهي كُثُر ـ، وفي كتب الملاحن - وهي أكثر ـ، فدبَّ يراعهم، وسالت سوابق أقلامهم، وانتشرت سوابح أفكارهم في نقض الدخيل، ونفي المقرف الهجين، فحمى الله - سبحانه - اللغةَ حِمايةً لكتابه ...). (١) وإلى شذرات من نصوص الأئمة والأكابر، حول القاعدة الشهيرة، وفي كل نص زيادة معنى:

(١) «فقه النوازل» (١/ ١٨٢).

1 / 3

١. قال سيبويه (ت ١٨٠ هـ) ﵀: (باب ما أعرب من الأعجمية اعلم أنهم مما يغيرون من الحروف الأعجمية ما ليس من حروفهم البتة، فربما ألحقوه ببناء كلامهم، وربما لم يلحقوه. فأما ما ألحقوه ببناء كلامهم فدرهمٌ، ألحقوه ببناء هجرع. وبهرجٌ ألحقوه بسلهبٍ. ودينارٌ ألحقوه بديماسٍ. وديباجٌ ألحقوه كذلك. وقالوا: إسحاق فألحقوه بإعصار، ويعقوب فألحقوه بيربوع، وجوربٌ فألحقوه بفوعلٍ. وقالوا: آجورٌ فألحقوه بعاقول. وقالوا: شبارق فألحقوه بعذافرٍ. ورستاقٌ فألحقوه بقرطاس. لما أرادوا أن يعربوه ألحقوه ببناء كلامهم كما يلحقون الحروف بالحروف العربية. وربما غيروا حاله عن حاله في الأعجمية مع إلحاقهم بالعربية غير الحروف العربية، فأبدلوا مكان الحرف الذي هو للعرب عربيًا غيره، وغيروا الحركة وأبدلوا مكان الزيادة، ولا يبلغون به بناء كلامهم، لأنه أعجمي الأصل، فلا تبلغ قوته عندهم إلى أن يبلغ بناءهم. وإنما دعاهم إلى ذلك أن الأعجمية يغيرها دخولها العربية بإبدالها حروفها، فحملهم هذا

1 / 4

التغيير على أن أبدلوا. وغيروا الحركة كما يغيرون في الإضافة إذا قالوا هنيٌّ نحو زبانيٍ وثقفيٍ. وربما حذفوا كما يحذفون في الإضافة، ويزيدون كما يزيدون فيما يبلغون به البناء وما لا يبلغون به بناءهم، وذلك نحو: آجرٍِّ، وإبريسم، وإسماعيل، وسراويل، وفيروز، والقهرمان. قد فعلوا ذا بما ألحق ببنائهم وما لم يلحق من التغيير والإبدال، والزيادة والحذف، لما يلزمه من التغيير. وربما تركوا الاسم على حاله إذا كانت حروفه من حروفهم، كان على بنائهم أو لم يكن، نحو: خراسان، وخرمٍ، والكركم. وربما غيروا الحرف الذي ليس من حروفهم ولم يغيروه عن بنائه في الفارسية نحو: فرند، وبقمٍ، وآجرٍ، وجربزٍ. باب اطراد الإبدال في الفارسية يبدلون من الحرف الذي بين الكاف والجيم: الجيم، لقربها منها. ولم يكن من إبدالها بدٌّ؛ لأنها ليست من حروفهم. وذلك نحو: الجربز، والآجر، والجورب. وربما أبدلوا القاف لأنها قريبةٌ أيضًا، قال بعضهم: قربزٌ، وقالوا: كربقٌ، وقربقٌ.

1 / 5

ويبدلون مكان آخر الحرف الذي لا يثبت في كلامهم، إذا وصلوا، الجيم وذلك نحو: كوسه، وموزه؛ لأن هذه الحروف تبدل وتحذف في كلام الفرس، همزةً مرةً وياءً مرةً أخرى. فلما كان هذا الآخر لا يشبه أواخر كلامهم صار بمنزلة حرفٍ ليس من حروفهم. وأبدلوا الجيم، لأن الجيم قريبة من الياء، وهي من حروف البدل .... إلخ الباب (١) ٢. قال ابن السرَّاج (ت ٣١٦ هـ) ﵀: (الكلامُ الأعجمي يخالفُ العربي في اللفظِ كثيرًا، ومخالفتهُ على ضربينِ: أَحدهُما: مخالفةُ البناءِ. والآخرُ: مخالفةُ الحروفِ. فَأَمَّا ما خالفَ حروفهُ حروفَ العربِ فإنَّ العربَ تبدلهُ بحروفها ولا تنطقُ بسِواها، وأَمَّا البناءُ .... وربما غيروا الحرفَ العربي بحرفٍ غيرهِ؛ لأَنَّ الأصلَ أَعجمي ... إلى أن قال: والعربُ تخلطُ فيما ليسَ من كلامِها إذا احتاجت إلى النطقِ بهِ، فإذَا حُكِي لكَ في الأعجمي خلافُ ما العامةُ عليه، فلا تَريَنَّهُ

(١) «الكتاب» لسيبويه (٤/ ٣٠٣). دلني على هذا النص في كتاب سيبويه، الأستاذ الفاضل: فيصل بن علي بن أحمد المنصور - جزاه الله خيرًا ـ.

1 / 6

تخليطًَا مِمَّنْ يَرويهِ). (١) ٣. وقال ابن خالويه (ت ٣٧٠ هـ) ﵀ بعد أن ذكر اللغات في «إبراهيم»: (وقد عرَّفتُكَ اتساع العرب في الأسماء الأعجمية إذا عرَّبتْها). (٢) ٤. وقال ابن جني (ت ٣٩٢ هـ) ﵀: قال أبو علي - أي الفارسي ـ: (ولكن العرب إذا اشتقت من الأعجمي خلطت فيه). (٣) وقال أيضًا: (... فذلك من تخليط العرب في الاسم الأعجمي. ... وقال أبو علي: العرب إذا نطقت بالأعجمي خلَّطت فيه. (٤) وقال أيضًا ﵀: أما ما رواه ابن مجاهد عن ابن مسعود من «إدْرِيسَ» و«إدْرَاسِينَ» فيجب أن يكون من تحريف العرب الكلمَ الأعجمي؛ لأنه ليس من لغتها، فَتُقِلُّ الحَفْل به، وقد ذكرنا مثله. (٥)

(١) «الأصول في النحو» - ط. الرسالة - (٣/ ٢٢٣ - ٢٢٤). (٢) «الحجة في القراءات السبع» (ص ٨٩). (٣) «الخصائص» (١/ ٣٦٠). (٤) «المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها» (١/ ٨٠). (٥) «المحتسب» (٢/ ٢٢٥).

1 / 7

وجاء بلفظ فتلعبت به في الموضع التالي: (فأما الخلاف الذي في باب جبريل، وإسرافيل، وميكائيل، وإبراهيم، ونحو ذلك فالعذر فيها أنها أسماء أعجمية، ولام التعريف لا تدخلها؛ فبعدت عن أصول كلام العرب، واجترأت عليه وتلعبت بها لفظًا، تارة كذا، وأخرى كذا). (١) ٥. قال الجوهري (ت ٣٩٣ هـ) ﵀: وتعريب الاسم الأعجميِّ: أن تتفوَّه به العربُ على مِنهاجها. (٢) ٦. قال ابن فارس (ت ٣٩٥ هـ) ﵀: (حدَّثني علي بن أحمد الصباحي قال: سمعتُ ابنَ دريد يقول: حروفٌ لا تتكلمُ العرب بها إلا ضرورة، فإذا اضطروا إليها؛ حوَّلوها عند التكلم بها إلى أقرب الحروف من مخارجها وذلك كالحرف الذي بين الباء والفاء مثل: بور. إذا اضطروا قالوا: فُور. قال ابن فارس: وهذا صحيحٌ؛ لأن بور ليس من كلام العرب،

(١) «المحتسب» (٢/ ٢٤٩). وانظر أيضًا: (١/ ٩٨)، و«المبهج في تفسير أسماء شعراء ديوان الحماسة» لابن جني (ص ٥٧). (٢) «الصحاح» (١/ ١٧٩).

1 / 8

فلذلك يَحتاج العربي عند تعريبه إياه أن يصيِّره فاء). (١) ٧. قال ابن سيده (ت ٤٥٨ هـ) ﵀: (ولكنَّ العَرب إذا اشتقَّتْ من الأعجمي؛ خلَّطَت فيه). (٢) ٨. قال الجواليقي (ت ٥٤٠ هـ) ﵀: (باب معرفة العرب في استعمال الأعجمي. اعلم أنهم كثيرًا ما يجترئون على تغيير الأسماء الأعجمية إذا استعملوها، فيبدلون الحروف التي ليست من حروفهم إلى أقربها مخرجًا، وربما أبدلوا ما بعد مخرجه أيضًا والإبدال لازم؛ لئلا يُدخِلوا في كلامهم ما ليس من حروفهم ...). (٣) ٩. وقال سلامة الأنباري (ت ٥٩٠ هـ) ﵀: (كثيرًا ما تغيِّر العربُ الأسماءَ الأعْجَمية إذا استعملتَها). (٤)

(١) «الصاحبي» (ص ٥٤). ونقله السيوطي في «المزهر» (١/ ٢٧٢). (٢) «المحكم» (٧/ ٥٨٦). (٣) «المعرَّب» ــ ط. شاكر - (ص ٦). (٤) «شرح المقامات» كما في «المزهر» للسيوطي (١/ ٢٩٣).

1 / 9

١٠. قال العكبري (ت ٦١٦ هـ) ﵀: (والاسم الأعجمي إذا وقع إلى العرب غيَّرتْه). (١) ١١. قال القرطبي (ت ٦٧١ هـ) ﵀: [قوله تعالى: (والذين هادوا) معناه: صاروا يهودا، نسبوا إلى يهوذا وهو أكبر ولد يعقوب ﵇، فقلَبت العربُ الذال دالا؛ لأنَّ الأعجمية إذا عُرِّبت غُيِّرت عن لفظها]. (٢) ١٢. قال الرضي محمد الأستراباذي (ت ٦٨٨ هـ) ﵀: ... (... ولذلك قالوا: أعجميٌّ فالْعَبْ به ما شئت). (٣) ١٣. قال أبو حيان (ت ٧٤٥ هـ) ﵀ في حديثه عن اسم ... «جبريل»: (وقد تصرفت فيه العرب على عادتها في تغيير الأسماء الأعجمية، حتى بلغت فيه إلى ثلاث عشرة لغة). (٤)

(١) «شرح ديوان المتنبي» (٣/ ١٠٢). (٢) «تفسيره» (١/ ٤٣٢). (٣) «شرحه على كافية ابن الحاجب» ــ ط. جامعة قاريونس - (١/ ١٣٢). (٤) «البحر المحيط» (١/ ٥٠٩).

1 / 10

١٤. قال ابن القيم الجوزية (ت ٧٥١ هـ) ﵀ لما ذكر إلياس وآل ياسين والكلام حوله: (ولا سيما عادة العرب في استعمالها للاسم الأعجمي، وتغييرها له، فيقولون مرة: إلياسين، ومرة إلياس، ومرة ياسين، وربما قالوا: ياس ...). (١) ١٥. قال ابن حجر (ت ٨٥٢ هـ) ﵀: (الاسم الأعجمي إذا نطقت به العرب لم تبقه على أصله غالبًا). (٢) ١٦. قال أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد الدمشقي .. (ت ٨٥٤ هـ) ﵀: (اسمه تيمور، بتاء مكسورة مثناة فوق، وياء ساكنة مثناة تحت، وواو ساكنة بين ميم مضمومة وراء مهملة هذه طريقة إملائه، وفي التصريف زنة بنائه، لكن كره الألفاظ الأعجمية، إذا تداولها صولجان اللغة العربية؛ خرطها في الدوران على بناء أوزانها، ودحرجها كيف شاء في ميدان لسانها، فقالوا في هذا تارة «تمور» وأخرى «تمرلنك»، ولم يجر عليهم في ذلك حرجٌ ولا ضنك، وهو بالتركي الحديد ابن ترغاي بن

(١) «جلاء الأفهام» - ط. مشهور سلمان - (ص ٣٢٢). (٢) «فتح الباري (٩/ ٥٣٢).

1 / 11

أبغاي ...). (١) ١٧. وقال العصام إبراهيم بن محمد الاسفرائيني من علماء البلاغة (ت ٩٥١ هـ) ﵀: (وللعرب التصرُّفُ في ألفاظ العجم، ولهذا يقال: هو أعجمي فالعب به ماشئت). (٢) ١٨. قال محمد الطاهر عاشور (ت ١٣٩٣ هـ) ﵀: (ومن أقوالهم وأمثالهم: أعجميٌّ فالْعَب به). (٣) ١٩. قال الرافعي (ت ١٣٥٦ هـ) ﵀ عند حديثه عن الدَّخِيل في اللغة: (وبالجملة، فإنهم لم يتناولوا اسمًا من أسماء الأجناس أو الأعلام إلا غيَّروه متى كان فيه ما ليس من حروفهم، وربما عادوا فغيروا في الحروف العربية أيضًا، وتصرَّفوا في الكلمة بالحذف والزيادة، مبالغةً في تحقيق الجنسية اللغوية؛ أما إن كانت حروف الاسم الأعجمي من جنس حروفهم فقد يتركونه على حاله، نحو: خُراسان؛ إذْ ليس في أبنيتهم فُعَالان، وخُرَّم ألحقوه ببِناء سُلَّم. فموضع التصرُّف كما رأيت إنما هو في حروف الكلمة، حتى تخرج على وجه من الوجوه العربية الفطرية، التي لا يُراعى فيها غيرُ الخِفَّة والثقل، وليس غير الحرف اللفظي ما يغمز مواضع الإحساس من ألسنتهم، كما فصلناه في بابه ...). وذكر ﵀ مسألة نادرة في استعمال الدخيل مع وجود الرديف العربي، وكل ماجمعوه منها نيّف وعشرون لفظة. (٤) ٢٠. انتقد العلامة أحمد شاكر (ت ١٣٧٧ هـ) ﵀ قرارات ... «مجمع اللغة العربية في مصر» في مسائل التعريب، وكان ذلك في ذي الحجة (سنة ١٣٦٠ هـ)، قال: (والقارئُ لقرارات الأعلام التي أقرَّها المجمع، يرى فيها معنى واحدًا يجمعها، وروحًا واحدًا يسيطر عليها:

(١) «عجائب المقدور في نوائب تيمور» تحقيق: أحمد حمصي - ط. الرسالة - ... (ص ٣٩). (٢) نقله عنه المحبي (ت ١١١١ هـ) في «نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة» ... - ط. البابي الحلبي - (٢/ ٥٨٧). وانظر: «حاشية الشهاب الخفاجى على البيضاوى» (٥/ ١٥٢). (٣) «التحرير والتنوير» (٧/ ١٨٢)، و(١٥/ ٩٨). (٤) «تاريخ آداب العرب» (١/ ٢٠١)، و(١/ ٢٠٤).

1 / 12

الحرص على أن ينطق أبناء العربية بالأعلام التي ينقلون إلى لغتهم بالحروف التي ينطقها بها أهلوها، وقسْرِ اللسانِ العربي على ارتضاخ كلِّ لَكْنَةٍ أعجمية لامِثال لها في حروف العرَب، وتسجيل هذه الغرائب من الحروف برموز اصطلاحية تَدْخُل على الرسم العربي، تزَيُّدًَا في الحروف

1 / 14

وتكَثُّرًا .......... وذكر كلامًَا رائِعًَا ثم قال ﵀: فإذا أردنا أن نضع قاعدةً لِتَعريب الأعلام على مثال لغة العرب، وجب أن نستقصي كل عَلَمٍ أعجميٍ نطق به العرب، وماذا كان أصله في لغة أهله، وماذا صنع فيه العرب حين نقلوه؛ لنأخذ من ذلك معنى جامعًا لِصُنعِهم، يكون أساسًا لما نضع من قاعدة أو قواعد، وأكثر الأعلام التي نقل العرب، وأوثقها نقلًا، ما جاء في القرآن الكريم من أسماء الأنبياء وغيرهم، فلو شئنا أن نُخرج منها معنى واحدًا تشترك كلُّها فيه، بالاستقصاء التام، والاستيعاب الكامل، وجدنا فيها معنى لايخرج عنه اسمٌ منها، وهو: (أن الأعلام الأجنبية تُنقل إلى العربية مغيَّرةً في الحروف والأوزان، إلى حروف العرب وحدها، وإلى أوزان كلمهم أو مايقاربها، وأنها لاتنقل أبدًا كما ينطقها أهلها) فهذا الاستقصاء والاستيعاب يُخرج

1 / 13

إذن قاعدة على النقيض من القواعد التي قررها المجمع اللغوي .... إلخ. (١) فائدة (١): للأستاذ: خالد بن سعود العصيمي رسالة ماجستير (عام ١٤١٩ هـ) بعنوان «القرارات النحوية والتصريفية لمجمع اللغة العربية بالقاهرة جمعًا ودراسة وتقويمًا إلى نهاية الدورة الحادية والستين عام ١٤١٥ هـ» (٢) فائدة (٢): قال خالد الأزهري (ت ٩٠٥ هـ) ﵀: (والفرق بين المعرَّب وغيرِه: أن العربَ إذا استعملَتْ الأعجميَّ، فإن خالفت بين ألفاظه فقد عرَّبتْه، وإلا فلا). (٣) وللفرق بين المعرَّب والدخيل والأعجمي، ينظر: «تداخل الأصول اللغوية» د. الصاعدي (٢/ ٦٧٦). فائدة (٣): علَّق د. رمضان عبدالتواب (ت ١٤٢٢ هـ) ﵀ على قرار مجمع اللغة: (يجيز المجمع أن يستعمل بعض الألفاظ

(١) في مقدمة تحقيقه لكتاب «المُعرَّب» للجواليقي (ص ١٨ - ١٩). (٢) طبعت في دار التدمرية (عام ١٤٢٣ هـ) في مجلد (٨١٣ صفحة). (٣) «التصريح على التوضيح» - ط. عبدالفتاح - (٥/ ١٦).

1 / 15

الأعجمية عند الضرورة، على طريقة: العرب في تعريبهم). فقال ﵀: (وفي رأيي أن اللغة لا تفسد بالدخيل بل حياتها في هضم هذا الدخيل؛ لأن مقدرة لغة ما على تمثُّل الكلام الأجنبي، تُعَدّ مزيَّة وخصيصة لها إْن هي صاغته على أوزانها، وصبَّتْهُ في قوالبها، ونفخت فيه من روحها. والحقُّ أن مشكلة تعريب ألفاظ العلم ومستحدثات الحضارة، هي مشكلتنا الحقيقية في العصر الحديث. ومجامعنا العلمية لم تستطع حتى الآن معالجة هذه المشكلة معالجة حاسمة، فإنها تنتظر حتى يشيع اللفظ الأجنبي على كل لسان، وتستخدمه العامة والخاصة، وتنشره وسائل الأعلام المختلفة، ثم تسعى بعد فوات الأوان إلى محاربته، والبحث عن بديل له عند العرب القدماء، وبذلك يُولد هذا اللفظ ميتًا، لاشتهار اللفظ الأعجمي، وشيوعه على الألسنة. وكم من ألفاظ وضعتها المجامع اللغوية لمستحدثات الحضارة، غير أنها لم تتجاوز أبواب هذه المجامع، فمثلا: «المذياع» للراديو، و«المأوى»

1 / 16

للوكاندة، و«الخيالة» للسينما و«الطارمة» للكشك، و«الملوحة» للسيمافور، و«المرناة» للتليفزيون، وغير ذلك من الألفاظ، ولدت ميتة لهذا السبب الذي ذكرته. ولو أننا سمَّينا مستحدثات الحضارة بأسماء عربية، واصطلحنا على هذه التسمية أو تلك، عند أول ظهور هذا المستحدث الحضاري أو ذاك، وعملت وسائل الإعلام المختلفة عندنا، على ذيوعه وانتشاره، لارتبط في أذهان الناس بمسماه، وقضينا على هذه المشكلة من أساسها. وإنك لتعجب حين ترى الألمان يقومون في لغتهم بمثل ما ننادي به هنا، فمعظم المخترعات الأجنبية لها عندهم أسماء ألمانية خالصة. وفي قدرتنا النسج على هذا المنوال للحفاظ على عروبة لغتنا، أمام هذا الغزو الهائل من الألفاظ الأجنبية، وفي ذلك حياة للغة، وتجديد لشبابها). انتهى كلام د. رمضان. ــ وقد علق الأمير الشهابي على قيد «الضرورة» الوارد في قرار المجمع بقوله: (أرى أن قيد «الضرورة» الذي وضعه المجمع للتعريب هو ضرورة، أقول هذا لأنني عارف بسخافات بعض أساتيذ العلوم الحديثة، الذين عرَّبوا ألفاظًا علمية أعجمية، كان في استطاعتهم أن يجدوا لها ألفاظًا عربية مقبولة بقليل من الجهد، ومن المعرفة بأصول تلك الألفاظ الأعجمية

1 / 17

وبمعانيها). ... (١) أما بعد فهذا الطواف حول الموضوع يُمثِّلُ مقدمةً وتمهيدًا؛ ليتحدث حول القضية أهلُ الاختصاص، بفصولٍ تأخذ رقابَ فصول أخرى، تنتقل من الكلام إلى الفِعال، ومن المجالس إلى المجامع، فلغتنا مجمعُ المحاسن، ولهجاتنا مفصَّلةٌ على ألسنتنا، وأسماعنا العربية تريد مقاييسنا العربية، ونبرات اللسان من نبرات القلب، فما يخفيه المرء تظهره فلتات اللسان، والله المستعان. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.

(١) «بحوث ومقالات في اللغة» (ص ١٨٦)، «المصطلحات العلمية» (ص ٦٣)، أفاده د. صبحي الصالح في كتابه «دراسات في فقه اللغة» (ص ٣٢١).

1 / 18