136

Ahlam Min Abi

أحلام من أبي: قصة عرق وإرث

Genres

وقال: «لا أظن هذا، ولكن إذا انتظرت هنا فسأجد لك من يساعدك.»

وانعطف حول ممر ضيق واختفى عن الأنظار، فوقفت كي أشد ظهري. وفي ذلك الوقت كان انفعال الترقب بداخلي قد جف، وابتسمت لذكرى العودة إلى الوطن التي تخيلتها لنفسي ذات مرة: انقشاع السحب، وهروب الشياطين القدامى، وارتجاف الأرض والأجداد يخرجون منها للاحتفال. وبدلا من ذلك شعرت بأنني متعب ووحيد. كنت على وشك البحث عن هاتف عندما ظهر حارس الأمن مرة أخرى مع سيدة رائعة الجمال سوداء البشرة نحيفة القوام يصل طولها إلى ما يقرب من ستة أقدام [180 سنتيمترا]، وترتدي زي العاملين في الخطوط الجوية البريطانية. وقدمت نفسها على أنها الآنسة أومورو، وقالت إن حقيبتي على الأرجح أرسلت خطأ إلى جوهانسبرج.

قالت: «أعتذر بشدة عن هذا الخطأ.» وتابعت: «هل تملأ من فضلك هذه الاستمارة، ويمكننا الاتصال بجوهانسبرج وإعادتها إلى هنا على متن أول طائرة قادمة.»

ملأت الاستمارة ونظرت إليها الآنسة أومورو نظرة سريعة قبل أن تعود وتنظر إلي. سألتني: «هل تمت بصلة للدكتور أوباما؟» «نعم، إنه أبي.»

فابتسمت الآنسة أومورو في تعاطف. وقالت: «أنا آسفة للغاية لرحيله. لقد كان والدك صديقا مقربا لعائلتي. وكان كثيرا ما يأتي إلى منزلنا وأنا طفلة.»

بدأنا نتحدث عن زيارتي، وأخبرتني هي عن دراستها في لندن، وكذلك شوقها للسفر إلى الولايات المتحدة. ووجدت نفسي أحاول أن أطيل الحوار، ولم يكن ذلك بسبب جمالها الفتان - فقد ذكرت أنها مخطوبة - بقدر ما كان لأنها عرفت اسمي. وأدركت أن هذا لم يحدث قط من قبل، لا في هاواي ولا إندونيسيا ولا لوس أنجلوس ولا نيويورك ولا شيكاغو. ولأول مرة في حياتي أشعر براحة وثبات الهوية التي قد يقدمها الاسم، وكيف يمكن أن يحمل تاريخا كاملا في ذكريات أناس آخرين، حتى إنهم يمكن أن يومئوا برءوسهم، ويقولون: «نعم، أنت فلان ابن فلان.» فلن يسأل أحد في كينيا كيف أتهجى اسمي، أو يتلعثم في نطقه لأن لسانه لم يعتد هذه الأسماء الغريبة. لقد كان اسمي ينتمي إلى هذا المكان، وكذلك أنا، وينجذب إلى شبكة من العلاقات والتحالفات والضغائن التي لم أفهمها بعد. «باراك!» استدرت لأجد أوما تقف هناك تقفز لأعلى وأسفل خلف حارس آخر لم يدعها تمر إلى منطقة الحقائب. استأذنت وهرعت إليها وضحكنا وتعانقنا بنفس الطريقة المضحكة التي تقابلنا بها لأول مرة. وإلى جوارنا سيدة طويلة سمراء البشرة تقف مبتسمة، فالتفتت أوما وقالت: «باراك، هذه عمتنا زيتوني، أخت والدنا.»

قالت زيتوني: «مرحبا بك في بلدك»، وقبلتني على كلتا وجنتي.

أخبرتهما عن الحقيبة وقلت إن شخصا هنا يعرف أبي. لكن عندما نظرت إلى حيث كنت أقف وجدت أن الآنسة أومورو قد اختفت عن الأنظار. سألت حارس الأمن إلى أين ذهبت. هز كتفيه وقال لا بد أنها استأذنت لبقية اليوم. •••

كانت أوما تقود سيارة قديمة لبنية اللون من طراز فولكس فاجن بيتل. وكانت السيارة تمثل لها مشروعا استثماريا. فنظرا لأن المواطنين الكينيين الذين يعيشون بالخارج يمكنهم شحن سيارة إلى كينيا بدون دفع رسوم الاستيراد الكبيرة، رأت أنها يمكنها استخدامها خلال السنة التي ستدرس فيها في جامعة نيروبي، ثم تبيعها بسعر تكلفة الشحن، وربما تجني من ورائها بعض الربح. ولسوء الحظ أصيب المحرك بصدمة عنيفة وسقط كاتم الصوت (الشكمان) في الطريق إلى المطار. وعندما انطلقنا إلى الطريق السريع ذي الحارات الأربع، وأوما تقبض بكلتا يديها على عجلة القيادة، لم أستطع أن أمنع نفسي من الضحك.

وقلت: «هل أخرج وأدفع السيارة من الخلف؟»

Unknown page