al-Ahkam al-sultaniyyat

Abu Ya'la al-Hanbali d. 458 AH
173

al-Ahkam al-sultaniyyat

الأحكام السلطانية

Publisher

دار الكتب العلمية - بيروت

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م

Publisher Location

لبنان

ابن خلدون عَلَى تِسْعَةِ أَمْيَالٍ، وَمِنْ طَرِيقِ الطَّائِفِ عَلَى عَرَفَةَ مِنْ بَطْنِ نَمِرَةَ، عَلَى سَبْعَةِ أَمْيَالٍ، وَمِنْ طَرِيقِ جُدَّةَ، مُنْقَطِعُ الْعَشَائِرِ، عَلَى عَشَرَةِ أميال. فهذا ما جعله الله حراما لِمَا اخْتَصَّ بِهِ مِنْ التَّحْرِيمِ، وَبَايَنَ بِحُكْمِهِ سائر البلاد، قال الله تعالى (٢: ١٢٦ وَإِذْ قَالَ إبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا أمنا وارزق أهله من الثمرات) يعنى مكة وحرمها. وقد اختلف في مكة وما حولها، هل صارت حراما بسؤال إبراهيم، أو كانت قبله كذلك؟ فمن الناس من قال: لم تزل حرما آمنا من الجبابرة المسلطين، ومن الخسوف والزلازل، وإنما سأل إبراهيم ربه أن يجعله آمِنًا مِنْ الْجَدْبِ وَالْقَحْطِ، وَأَنْ يَرْزُقَ أَهْلَهُ من كل الثمرات. وهذا ظاهر كلام أحمد في رواية الأثرم، وقد سئل عن قول النبي ﷺ " مكة أُحِلَّتْ لِي سَاعَةٌ مِنْ نَهَارٍ وَلَمْ تَحُلَّ لأحد قبلي " ما وجهه؟ قال: " وجهه أنها كانت حراما ولم تزل". فقد نص على أنها لم تزل حراما. والوجه فيه ما روى سعيد بن أبي سعيد - يعني المقبري - قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيَّ يَقُولُ: " إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا افتتح مكة قام خطيبا، فقال: يا أيها الناس، إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات وَالْأَرْضَ، فَهِيَ حَرَامٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، أَوْ يَعْضُدَ بِهَا شَجَرًا، ألا وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي وَلَمْ تَحِلَّ لِي إلَّا هَذِهِ السَّاعَةَ غَضَبًا عَلَى أَهْلِهَا، أَلَا وَهِيَ قَدْ رَجَعَتْ عَلَى حَالِهَا بِالْأَمْسِ، أَلَا لِيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَمَنْ قَالَ إنَّ رسول الله ﷺ قاتل بها، فقولوا إن الله قد أحلها لرسوله، ولم يحلها لك". ومن الناس من قال: أَنَّ مَكَّةَ كَانَتْ حَلَالًا قَبْلَ دَعْوَةِ إبْرَاهِيمَ كَسَائِرِ الْبِلَادِ، وَأَنَّهَا صَارَتْ بِدَعْوَتِهِ حَرَمًا آمِنًا، حِينَ حَرَّمَهَا، كَمَا صَارَتْ الْمَدِينَةُ بِتَحْرِيمِ رَسُولِ الله ﷺ حرما بعد أن كانت حلالا، لما روى أبو هريرة ﵁، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ " إن إبراهيم كان عبد الله وخليله، وإني عبد الله ورسوله، وإن إبراهيم حرم مكة، وإني حرمت المدينة، ما بين لابتيها: عضاهها وصيدها، لا يحمل فيها السلاح لقتال، ولا يقطع فيها شجر إلا لعلف بغير". والذي يختص به الحرم م الأحكام التي تباين سائر البلاد خمسة أحكام:

1 / 192